تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡمُنفِقِينَ وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ} (17)

الآية 17 وقوله تعالى : { الصابرين } قيل : { الصابرين } على المرازي والمصائب والشدائد . والصبر هو حبس النفس عن جميع ما تهوى وتشتهي .

وقوله تعالى : { والصادقين } قيل : في إيمانهم ، وقيل : { والصادقين } بما وعدوا ، وقيل : { والصادقين } في جميع ما يقولون ، ويخبرون .

[ [ وقوله تعالى ]{[3647]} : { والقانتين } قيل : القانت الخاضع ، وقيل : القانت المطيع ، وقيل : الخاشع ، وكله يرجع إلى واحد . . وأصله : القيام ، وكل من قان لآخر كان مطيعا وخاشعا وخاضعا ومقرا ، وقيل : القانت المقر كقوله : { كل له قانتون } [ الروم : 26 ] أي مقرون ]{[3648]} .

[ وقوله تعالى ]{[3649]} : { والمنفقين } يحتمل الأنفاق ما لزم من أموالهم من الزكاة والصدقات ، ويحتمل : { والمنفقين } المؤدين حقوق بعضهم بعض من حق القرابة والصلة .

وقال قتادة : { الصابرين } الذين صبروا على طاعة الله ، وصبروا عن محارمه ، { والصادقين } الذين صدقت نياتهم ، واستقامت قلوبهم وألسنتهم ، وصدقوا في السر والعلانية ، { والقانتين } المطيعين ، { والمنفقين } يعني نفقة أموالهم في سبيل الله .

[ وقوله تعالى ]{[3650]} : { والمستغفرين بالأسحار } قيل : المصلين بالأسحار ، وقيل : المصلين في أول الليل والمستغفرين في آخره . وأصل الاستغفار طلب المغفرة مما ارتكب من المآثم على ندامة القلب والعزيمة على ترك العود إلى مثله أبدا ، ليس كقول الناس : أستغفر الله على غير ندامة القلب . وأصل الاستغفار في الحقيقة طلب المغفرة بأسبابها ، ليس أن يقول : [ أستغفر الله بلسانه ]{[3651]} ، اغفر لي ،

[ ولكن ]{[3652]} كقول نوح عليه السلام : { استغفروا ربكم } أمرهم بالتوحيد . ثم أخبر جل وعلا أن الجنة هي للصابرين والصادقين إلى آخر ما ذكر ، والله أعلم .


[3647]:ساقطة من الأصل وم.
[3648]:أدرجت في الأصل وم بعد: وقوله تعالى: {والمنفقين}... والصلة.
[3649]:ساقطة من الأصل وم.
[3650]:ساقطة من الأصل وم.
[3651]:من م، في الأصل: لبسانه.
[3652]:ساقطة من الأصل وم.