تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (18)

الآية 18 وقوله تعالى : { شهد الله أنه لا إله إلا هو } قيل فيه وجوه{[3653]} : قيل : { شهد الله } شهادة ذاتية ، أي هو بذاته { أنه لا إله إلا هو } أي خلق من الخلائق ما تشهد خلقه كل واحد بوحدانيته وإلهيته ؛ لو نظروا في خلقتهم ، وتدبروا فيها ، وكذلك { والملائكة وأولو العلم } شهدوا أن لا إله إلا هو على تأويل الأول ، وعلى تأويل الثاني أن [ خلقه : الملائكة وأولي ]{[3654]} العلم يشهدون على وحدانيته ، فشهدوا على ذلك إلا الجهال فإنهم لم يتأملوا في أنفسهم ، [ ولم يتفكروا ]{[3655]} ، ولم يشهدوا به لأنه أمر الرسل والأنبياء عليهم السلام بأن يقولوا : { لا إله إلا الله } . فقوله وأمره به شهادة منه . ويحتمل شهادة القول كقوله : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } [ الأحزاب : 56 ] ؛ وذلك من الله الربوبية ، ومن الخلق العبودية له ، فيجب أن تعرف الربوبية من العبودية ، ففيه خلق الإيمان ، فمن قال : إنه غير مخلوق لم يعرف ذا من ذاك ، وبالله التوفيق .

وقيل : { شهد الله } أي علم الله { أنه لا إله إلا هو } وكذلك علم الملائكة أولو العلم { أنه لا إله إلا هو } . فإن قال لنا ملحد : كيف صح ، وهو دعوى ؟ قيل : لأن من ظهر صدقه في شهادته إذا شهد ، وهو مقبول ، وهو بما ادعى من الألوهية والربوبية إذا لم يستقبله أحد ، ظهر صدقه وقهر كل مكذب له في دعواه ، وبالله النجاة .

وقوله تعالى : { قائما بالقسط } أي [ حافظا به ومتوليا ]{[3656]} [ كقوله : { قائم على كل نفس بما كسبت } [ الرعد : 33 ] أي حافظ لها ومتول ]{[3657]} كما يقال : فلان قائم على أمر فلان أي حافظ لأمره ومتعاهد لأسبابه . وقال الشيخ ، رحمه الله تعالى : وقيل : عادل أي لا يجوز ، لا أن ثم معنى القيام كقوله : { قوامين بالقسط } [ النساء : 135 ] مقسطين ، لا أن ثم للقيام فيه معنى يسبق الوهم إليه ، والله أعلم .


[3653]:في م: بوجوه.
[3654]:في الأصل: الملائكة وأولو.
[3655]:في الأثل وم: ولا يتفكروا.
[3656]:في الأصل وم: حافظ ومتولى.
[3657]:من م.