وقوله تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله }( يحتمل وجوها :
أحدها ){[6030]} : أن الله عز وجل أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله ؛ لأنه اتبع أمره ، ألا ترى أنه قال عز وجل { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول }( النساء : 59 . . . )حتى {[6031]} جعل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من شرط الإيمان بقوله عز وجل : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } ؟ الآية ( النساء : 65 ) .
والثاني : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يأمرر بطاعة الله . فإن أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وائتمر بأمره ، فقد أطاع الله عز وجل لأنه هو الآمر بطاعة الله ، وبالله التوفيق .
( والثالث : أن ){[6032]} الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بأمر الله تعالى ، لذلك كانت طاعته طاعة الله .
وذكر في بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المدينة : " من أحبني فقد أحب الله تعالى ، ومن أطاعني فقد أطاع الله " ( بنحوه البخاري 2957 )فيعيره المنافقون في ذلك ، فأنزل الله تعالى تصديقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } فقد ذكر( الله تعالى ) {[6033]} وإن قلت : صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ، ومن عصاه فقد نسي الله تعالى ، وإن كثرت : صلاته وصيامه وتلاوته القرآن . فطاعة الله تعالى إنما تكون في اتباع أمره( والانتهاء عن ){[6034]}مناهيه ، وكذلك حبه إنما يكون في اتباع أمره ونواهيه كقوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } ( آل عمران : 31 ) .
وقوله تعالى أيضا : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } ( الأمر ){[6035]} ظاهر مكشوف . حقيقته{[6036]} أنه يطيعه بطاعة الله ، إذ الأمر ( أن ){[6037]}يطيعه ، على أنه يدعوه إلى طاعته ، وطاعته إجابة له بما يطيع الله به . وحكمته أنه لم يجعل مسلك الطاعة عبادة ، وإن كانت هي لله عبادة ، ولا تجوز عبادة الرسول ، فصير الله طاعته عبادة الله تعالى . فاعلم أن الطاعة قد تكون غير مستحقة لاسم العبادة ؛ إذ قد تسمى لا من ذلك الوجه . ولذلك{[6038]} جاز القول : بمطاع في الخلق ، ولا يجوز بمعبود ، والله أعلم .
وأيضا فيه شهادة له بالعصمة في كل ما دعا إليه ، وأمر به ، وإلزام الخلق الشهادة له بالصدق في ذلك والقيام{[6039]} . وبه أكد وبقوله تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره }( النور : 63 ) وبقوله عز وجل : { فلا وربك لا يؤمنون }( النساء : 65 ) الآيتين جميعا . وتلك الآياء على لزوم طاعته أخوف مخالفة العذاب ، وأزال عن الواجد في نفسه من قضائه الحرج الإيمان .
ثم ليست( الطاعة ){[6040]} طاعة في فعله خاصة أو قول ما يقوله ، ولكنها بوجهين :
أحدهما : اعتقاد وكل فعل وقول على ما عليه عنده من خصوص وعموم أو إلزام أو آداب أو إباحة وترغيب .
والثاني : في الوفاء بالذي منه المراد ؛ فيه من يفعل كفعله ، أو يتقي ذلك ، أو يستعمله في حق الإباحة ، أو ما أراد من محله ، فيه يعرف موقع كل من ذلك بالأدلة ، ولا قوة إلا بالله . وقول من يقول : لا تلزم طاعته ، أو تلزم ، كلام بهذا الإطلاق لا معنى له .
وقوله تعالى : { فما أرسلناك عليهم حفيظا } في أعمالهم وأفعالهم ، فإنما عليهم ما عملوا ، وعليكم( ما عملتم ){[6041]} ، ما تسأل أنت من أعمالهم ، { ولا تسئلون عما كانوا يعملون }( البقرة : 134 )والله أعلم . ويحتمل قوله تعالى : { فما أرسلناك عليهم حفيظا } تطلع على سرائرهم ، إنما عليك أن تعاملهم على الظاهر ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.