الآية 8 وقوله تعالى : { أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا } هذا حرف المنابذة ؛ يقول : إن افتريته فلا تملكون أنتم دفع عقوبة ذلك الافتراء عن نفسي ، وهو كقوله تعالى : { أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعليّ إجرامي } [ هود : 35 ] يقول : عليّ إثم ذلك وجُرمه . وإنما يقال هذا عند انتهاء الحجج والبراهين غايتها حتى لا يُقطع منهم القبول والنجع فيهم ، ويُيأس منهم ، فعند ذلك يقال ذلك ، ويُنابَذ ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وهو أعلم بما تُفيضون فيه } أي بما تخوضون فيه ، يقول هذا ، ويذكر لئلا يقولوا ، ولا يدّعوا غفلته عن ذلك ، بل يُذكّرهم أنه كان عالما بما يُسرّون ، ويُعلنون .
وقيل : { تُفيضون } من قولهم : أفاضوا إذا علموا ، وتحدّثوا ، وهو قول القتبيّ .
وقوله تعالى : { كفى به شهيدا بيني وبينكم } يخرّج على وجهين :
أحدهما : أي يشهدون في الآخرة أنه قد بلّغ رسالته .
والثاني : أي كفى به شهيدا بيني وبينكم في الدنيا بما علم ما كان منكم من الشرك والتكذيب ومنّي من التبليغ ، فهو شاهد بما كان منّي ومنكم في الدنيا من سرّ وعلانية ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وهو الغفور الرحيم } ذُكر هذا في هذا الموضع على إثر ما ذكر من غاية سفههم تعنُّتهم ، والله أعلم ، كأنه يقول : إنكم وإن بلغتم في السَّفه ما بلغتم ، فإنكم إذا رجعتم عن ذلك ، وتُبتم ، يغفر لك ما كان منكم ، والله أعلم .
ثم قوله تعالى : { ومن أضلّ ممن يدعو من دون الله } [ الأحقاف : 5 ] إنه كان على حقيقة العبادة فهو صلة قوله : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات } [ الأحقاف : 4 ] يقول ، والله أعلم : ومن أضلّ /509-أمن يعبد من لا يملك ما ذكر من خلق الأرض ، وله{[19280]} شريك في السماوات وممّن{[19281]} ترك عبادة من خلق السماوات وخلق الأرض ، وشهد كل شيء له بذلك ، وأتى بالحُجج والبراهين على ذلك ، أي لا أحد أضلّ ممن ترك عبادة من هذا وصفه ، وصرف العبادة إلى الذي لا يملك شيئا من ذلك ، والله أعلم .
وإن كان على الدعاء نفسه فهو صلة ما ذكر من قوله : { لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون } [ الأحقاف : 5 ] أي ومن أضل ممن يدعو الله من دون الله : من لا يملك إجابته ، ويسمع دعاءه ، ويقدر على قضاء ما يدعون ، ويسألون ، أي لا أحد أضلّ ممن اختار دعاء من لا يملك شيئا من ذلك كلّه . يُسفّههم في صنيعهم واختيارهم ما اختاروا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.