تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

الآية 45 وقوله تعالى : { نحن أعلم بما يقولون /529-أ/ وما أنت عليهم بجبّار } يقول ، والله أعلم : { فاصبر على ما يقولون } { نحن أعلم بما يقولون } فنُكافئهم . أو يقول : عن علم بذلك نتركهم على ذلك ، ونُمهلُهم ؛ يصبّر رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك ليتسلّى به بعض ما يُحزن قلبه .

وقوله تعالى : { وما أنت عليهم بجبّار } قال بعضهم : من الجبر والقهر ، أي ما أنت بقاهر عليهم وجبّار ، تُجبرهم على التوحيد .

وقال بعضهم : من التجبُّر والتكبّر ، والجبّار ، هو الذي يقتل بلا ذنب ولا حق .

وقيل : أي وما أنت بمُسلَّط عليهم ، وهو كقوله عز وجل : { وما جعلناك عليهم حفيظا } [ الأنعام : 107 ] أي مسلَّطًا .

وقوله تعالى : { فذكّر بالقرآن من يخاف وعيدِ } أي بلّغ ما أُنزل إليك ، فعليك التبليغ ، وأنا المجازي لهم والمكافئ بما يفعلون .

ثم لم يخصّ بالتذكير من يخاف الوعيد ، لكن أمر بتذكير الكل لأن{[19844]} منفعة الذكرى تكون لمن يخاف الوعيد ، لا لمن لا يخاف الوعيد . فلذلك خصّه بالذكر ، لكن التخصيص بالذكر لا يكون تخصيصا بالحُكم ونفيا عن غيره .

فيُبطل بهذا مذهب من ادّعى ذلك . والله أعلم بما أراد [ والله الموفّق ]{[19845]} .


[19844]:في الأصل وم: لا أن.
[19845]:من م، ساقطة من الأصل.