الآية 38 وقوله تعالى : { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لُغوب } قد ذكرنا في ما تقدم تأويل خلق السماوات والأرض في ستة أيام .
وقوله تعالى : { وما مسّنا من لُغوب } أي من إعياء وتعب ونصَب . وفيه نقض قول اليهود ، لعنهم الله : [ في الاستراحة ]{[19831]} ونفي . فهم{[19832]} المُشبّهة في قوله{[19833]} : { ثم استوى على العرش } [ الأعراف : 54 و . . . ] وتبيُّن المراد من قوله تعالى : { ثم استوى على العرش } .
أما نقض قول اليهود . لعنهم الله . فإنهم يقولون : خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام ، ثم استراح في يوم السبت ، وهم يتركون العمل يوم السبت لهذا . فالله عز وجل أخبر أنه لم يمسسه بخلق ما ذكر إعياء ولا لُغوب على ما زعمت اليهود ، لعنهم الله ، فيكون ردًّا لقولهم صريحا .
وأما نفي فهم{[19834]} المُشبّهة فإنهم توهّموا أن قوله : { ثم استوى على العرش على إثر خلق السماوات والأرض وما بينهما في آية أخرى /528-ب/ أن ذلك للراحة ، فشبّهوا الله تعالى بالخلق : أنهم إذا فرغوا من أعمال عملوها ، ثم استووا على شيء ، إنما يستوون للراحة ، فقالوا بالاستواء على العرش حقيقة .
فالله تعالى نفى التّعب عن نفسه في خلق السماوات والأرض على أن استواءه ليس للراحة حتى يراد به الاستقرار كما في الشاهد بين الخلق ، وبيّن تعاليه وبراءته عما توهّمت المُشبّهة ، وشبّهوه بالخلق .
ويتبين بذكر الاستواء على العرش بعد خلق السماوات والأرض أن{[19835]} المراد منه التمام ، أي تمّ ملكه بعد خلق السماوات والأرض بخلق العرش ، ويُذكر الاستواء ، ويراد به التّمام ، والله أعلم .
قال أبو عوسجة : اللّغوب الإعياء ، يقال : لغِب يلغب لُغوبا ، فهو لاغِب .
وأصله ما ذكرنا أن خلق الله تعالى الأشياء لا لمنفعة له أو حاجة تقع له ولا بالآلات والأسباب التي بها يقع التعب والإعياء في الشاهد ؛ إذ الإعياء إنما يلحق من فعله الحركة والانتقال والسكون .
فأما الله تعالى إنما يخلُق الأشياء بقوله : { كُن } ولا يلحقه شيء من ذلك . وهو قادر بذاته فاعل لا بآلة وسبب ، فأنّى يقع له الإعياء والتعب ؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.