تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (24)

الآية 24 وقوله تعالى : { قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون } جمع في هذه الآية خبرين :

أحدهما : مما قد تنوزع فيه ، وهو قوله : { وإليه تحشرون } فإن بعض الكفرة ينكرون الحشر والبعث .

والثاني : مما لم يقع فيه التنازع ، وهو قوله : { هو الذي ذرأكم في الأرض } .

ثم إن الله تعالى جعل ابتداء الخلق دلالة القدرة على الإعادة . بقوله{[21750]} : { قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } ]{[21751]} [ يس : 78 و79 ] .

وإذا جعل الابتداء دليل الإعادة ، لزمهم أن يستدلوا به ، فهو وإن ذكره على وجه الاحتجاج ، ففيه موضع الاحتجاج عليهم .

وقوله تعالى : { في الأرض } فيه إخبار أنه خلقهم في الأرض ، ليشاهد بعضهم خلق بعض في الابتداء ، فيعلموا أنهم لم يكونوا على الحالة التي هم عليها للحال ، بل كانوا نطفا وعلقا وأطفالا ، إلى أن انتهوا إلى الحالة التي [ هم ]{[21752]} عليها .

فإذا تقرر عندهم أمر الابتداء ، أوجب لهم ذلك علما بالقدرة على الإعادة . ويكون قوله : { في الأرض } أي أنشأكم ، وجعل لكم مساكن في الأرض ، بسطها لكم لتنتفعوا بها ، وجعلها لكم كفاية{[21753]} ، فيكون فيه تذكيره النعمة والقدرة والسلطان .

وقوله تعالى : { ذرأكم } أي كثركم من أصل واحد ، كما قال تعالى : { خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } [ النساء : 1 ] .

ومعلوم أن الخلق على كثرتهم ، لم يكونوا في نفس واحدة ، ومن قدر على [ خلق ]{[21754]} الأنفس من نفس واحدة ، قادر على إعادة ما سبق كونه .


[21750]:في الأصل و م: وقال
[21751]:ساقطة من الأصل و م.
[21752]:ساقطة من الأصل و م.
[21753]:في الأصل و م: كفاتا
[21754]:ساقطة من الأصل و م.