الآية 21 وقوله تعالى : { أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه } هم كانوا يرجون رزقهم من السماء والأرض ، فيقول : من الذي يرزقكم إن لم يرسل عليكم من السماء مطرا ، ولا ذلل لكم الأرض للنبت ؟ وقد علموا أيضا أن لا رازق لهم غير الله تعالى ، لأنهم يفزعون إليه بالسؤال للرزق عندما يبلون بالقحط والجدوبة ، فذكرهم في حالة السعة ما له عليهم من عظيم النعمة ، في توسيع الرزق عليهم ، ليشكروه ولا يكفروه .
وقوله تعالى : { بل لّجّوا في عتو ونفور } فالعاتي هو المارد الشديد السفه ، فكأنه يقول : لجوا وعتوا عن قبول الحق ، وتمادوا في طغيانهم ، ولم يتذكروا ، ولم يراقبوا الله تعالى ، ولم يشكروا له ، بعدوا عن قبول ذلك كله .
وقوله تعالى : { أمّن هذا الذي هو جند لكم } وقوله { أمّن هذا الذي يرزقكم } يخرجان{[21728]} على أوجه ثلاثة :
أحدها : على التخويف والتهويل .
والثاني : على التنبيه والتذكير وتسفيه أحلامهم .
والثالث : على البشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر له ، وبإجابة دعوته أهل الكفر .
فوجه التنبيه والتذكير وتسفيه الأحلام ، ما ذكرنا أنهم قوم كانوا يعبدون الأصنام لتنصرهم ، وتعزهم في الدنيا ، وليبتغوا الرزق من عندها ، إذ هم كانوا لا يؤمنون بالبعث ليطلبوا بعبادتها عز الآخرة والنصر فيها ، وإنما كانوا يطمعون بذلك منها في الدنيا .
ثم هم في الدنيا [ كانوا إذا نزلت بهم الشدة والفزع ، تضرّعوا إلى الله تعالى كما قال الله تعالى : ]{[21729]} { وإذا مسّكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه } [ الإسراء : 67 ] ولم يكونوا يفزعون إلى أصنامهم ، فكيف اتخذوها جندا لتنصرهم عند النوائب ، وقد أحاط علمهم أنها لا تنصرهم ، ولا تغني عنهم من عذاب الدنيا شيئا ؟
فيكون فيه تسفيه أحلامهم ، وتنبيه من عذاب الله ، ليمنعهم ذلك عن عبادة غير الله تعالى ، ويدعوهم إلى عبادة من يملك دفع الشدائد عنهم إذا حلت بهم .
وأما وجه التخويف ، فهو أنه يجوز أن يكون قيل لهم هذا عندما ابتلوا بالشدائد وضيق العيش ، فيقول لهم : استنصروا من آلهتكم ، واسألوا الرزق من عندهم{[21730]} ، هل يملكون لكم رزقا ، أو يدفعون عنكم ذلا ، وهل يقوون على نصركم ؟
وجائز أن يكون فيه بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالنصر له وبإجابة دعوته . وقد وجد النصر لأنه غلب عليهم يوم فتح مكة ، ولم يتهيأ لأهلها أن ينتصروا ، بل غلبوا ، وقهروا ، وفاز رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلبة والقهر ، حتى استكانوا ولانوا ، وتضرعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حتى دعا لهم .
وابتلوا أيضا بالقحط والسنين [ فدعا لهم ]{[21731]} رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسعة ، حتى رفع الله عنهم القحط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.