الآية 22 وقوله تعالى : { أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم } ؟ [ يحتمل وجوها :
أحدها : ]{[21732]} في هذه الآية تذكير وتنبيه وتخويف وتهويل وتعريف حال ، هي خلاف ما هم عليها في الحال .
[ والثاني ]{[21733]} ذكر الصراط في الذي يمشي مكبا ، هو على الإضمار ؛ كأنه يقول : { أفمن يمشي مكبا على } غير الصراط { أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم } فيكون هذا [ تذكيرا وتنبيها وتسفيها ]{[21734]} لأحلامهم ، لأن الذين آثروا الإيمان ، وسلكوا طريقه ، فإنما سلكوه{[21735]} بالحجج والبراهين . والذين آثروا الكفر آثروه من غير حجة ، بل حيرتهم وسفههم هما{[21736]} اللذان دعواهم إلى التزام الكفر والتديّن به . ومن آثر الحيرة والعمى على الهدى والرشاد فهو سفيه .
[ والثالث ]{[21737]} أن يكون قوله : { أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى } أي أهدى طريقا { أمن يمشي سويا على صراط مستقيم } ؟ وحق هذا الكلام أن يقال : بل الذي مشى على صراط مستقيم ، هو الأهدى من الذي يختار الطريق المعوج الزائغ عن الرشاد .
فيكون في الوجه الأول معنى التخويف والتنبيه جميعا ، وفي الوجه الثاني تذكير وتنبيه ، وقولنا بأن فيه تعريف حال خلاف الحال التي هم عليها : إن كل واحد من الفريقين ، أعني به أهل الإسلام وأهل الكفر ، يزعم أنه{[21738]} على الهدى ، والفريق الآخر على الضلال .
وإذا اتفقت الدعاوى على تضليل أحد الفريقين ، فلا{[21739]} بد أن يكون جزاء الضال{[21740]} غير جزاء المهتدي ، وجزاء الوالي غير جزاء العدو .
ثم الدنيا{[21741]} على الفريقين على جهة واحدة ، فلا بد من تثبيت دار أخرى ، والقول بها للجزاء ، فيكون فيما ذكروا إيجاب القول بالبعث والإقرار به .
فهذا الذي ذكرنا يعرّفهما حال خلاف الحالة التي هم عليها ، لأن الذي يمشي مكبا على غير الطريق ، هو الأعمى الذي لا يبصر ، والمقعد الذي لا يقوى على المشي ، والذي يمشي سويا على صراط مستقيم ، هو الذي ليست به زمانة ، ولا به عمى ، يمنعه عن الصراط .
فيكون قوله : { يمشي مكبا على وجهه } هو الأعمى ، والذي { يمشي سويا على صراط مستقيم } هو السميع البصير ، فيكون معناه ما قال في سورة هود : { مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا } ؟ [ الآية : 24 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.