الآية : 15 وقوله تعالى : { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها } الآية ؛ وإذا ذلل لكم الأرض لتمشوا في مناكبها ، وتأكلوا من رزقه ، فلا يجوز أن يكون خلقه عبثا باطلا ، فلا بد من الرجوع إليه ليسألكم عم له خلق ؟ أو فيم خلق ؟ أو لم تقوّلوا{[21686]} ؟
وذلك أن المرء في الشاهد إذا أعطى إنسانا مالا ليستعمله في وجهة من الجهات ، فلا بد من أن يرجع إليه ، فيسأله هل استعمله في الذي أذن له فيه ، أم لا ؟
وإذا ثبت أنه لم يخلقها عبثا باطلا ، وإنما خلقت للمحنة فلا بد من أن ينشروا إليه ، ليخبروه عما بلاهم به وامتحنهم .
ثم احتمل أن يكون هذا صلة قوله تعالى : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا } [ الآية : 2 ] وقوله تعالى : { الذي خلق سبع سماوات طباقا } [ الآية : 3 ]
فخلق [ تلك السماوات ]{[21687]} كلها ليمتحن أهلها بها . فعلى ذلك خلق الأرض ذلولا ليبلوكم بها . ويحتمل أن يكون هذا صلة قوله : { ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت } [ الآية : 3 ] .
فأمر هناك بالنظر مرة بعد مرة : هل ترى فيه تفاوتا أو فطورا ؟ ليتبين عنده إذا لم ير فيه تفاوتا ولا فطورا ، وحدانية الرب وقدرته وسلطانه وحكمته ، فأمرهم أيضا بالمسير في الأرض والمشي في مناكبها ، وهي أطرافها ، هل يرون فيها فطورا وتفاوتا ؟ فإذا لم يروا فيها شيئا من ذلك ، تقرر عندهم جميع ما ذكرنا من الحكمة هناك .
فهو في قوله : { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا } موجود ، ولأنه ذكّرهم لطيف تدبيره في خلق الأرض وما له على الخلق من عظيم النعمة في حقه ، وهو أنه قدر لهم فيها أرزاقهم إلى حيث يمشون فيها ، وهيأ لهم الرزق هناك ، لا{[21688]} يحتمل أن يذلل لهم الأرض ، فيضربوا{[21689]} فيها حين{[21690]} شاؤوا ، ويستخرجوا{[21691]} منها أقواتهم{[21692]} أينما تصرّفوا ، عبثا باطلا . بل لا بد أن يستأديكم شكر ما{[21693]} أنعم عليكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.