تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَآ أُقۡسِمُ بِرَبِّ ٱلۡمَشَٰرِقِ وَٱلۡمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ} (40)

الآية 40 وقوله تعالى : { فلا أقسم برب المشارق والمغارب } الآية ، ذكر المشارق والمغارب ذكر السماوات والأرض ، وفي ذكرهما ذكر أهل السماوات والأرضيين ، فيكون معناه : فلا أقسم برب الخلائق أجمع .

ويكون حرف : لا زائدا في الكلام تأكيدا للقسم على ما يذكر فيكون معناه : فلأقسم .

ثم حق هذا القسم أن يكون {[22107]} مكان قوله : { رب المشارق والمغارب } فلأقسم بي إذا كان القسم من الله تعالى . هذا هو ظاهر الكلام في متعارف [ أهل ]{[22108]} اللسان . ولكن يحتمل [ وجهين :

أحدهما ]{[22109]} : أن يكون هذا القسم من النبي صلى الله عليه وسلم كأنه علّمه أن يقسم به ، ويقول له قل : يا محمد : { فلا أقسم برب المشارق والمغارب }

[ والثاني ]{[22110]} : إن كان هذا قسما من الله تعالى ، فهو مستقيم أيضا من وجهين :

أحدهما : على الإضمار ، كأنه قال : فلا أقسم بي ، وأنا رب المشارق والمغارب .

والثاني : وإن كان هذا القسم من الله ، فيستقيم{[22111]} بلفظ المغايبة كما يستقيم بلفظ الحاضر ، لأن الخلق كله ، لله شهود ، وليس هو شاهد للخلق ، فيخرج الكلام بينهم على ما يخاطب الغائب [ مرة ] {[22112]} ومرة على الوجه الذي يخاطب به الشاهد ، ومثل هذا مستعمل في متعارف [ أهل ] {[22113]}اللسان ، والله اعلم .

وفي الآية دلالة على أن ملك السماوات والأرضيين ومدبرهما واحد ، إذ لو لم يكن [ واحدا ]{[22114]} لكان لملك{[22115]} السماء أن يمنع الشمس والقمر والكواكب من إيصال النفع إلى أهل الأرض ، ويكون لملك الأرض أن يمنع ملك السماء من الإغراب في الأرض .

ثم الذي يشرق ، ويغرب منذ خلق يجري على ما جرى عليه التدبير جريا واحدا ، لم يقع فيه تغيير ، ولا تبديل ، ولو كان لله تعالى شريك لكان لا بد من وقوع التغيير فيه{[22116]} .

فثبت أن تدبير السماوات والأرضيين وتدبير سلطانهما راجع إلى الواحد .


[22107]:في الأصل وم: يقول.
[22108]:ساقطة من الأصل وم.
[22109]:في الأصل وم: وجوها: احدهما
[22110]:في الأصل وم: و.
[22111]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[22112]:ساقطة من الأصل وم.
[22113]:ساقطة من الأصل وم.
[22114]:ساقطة من الأصل وم.
[22115]:في الأصل وم: ملك
[22116]:في الأصل وم: فيها