وقوله تعالى : ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ ) قيل : تأسرنهم في الحرب ، وقيل : تلقينهم في الحرب ، وقيل : تجدنهم في الحرب . ( فشرد بهم من خلفهم ) قيل : نكل بهم من بعدهم ؛ أي اصنع بهم ما ينكلون من خلفهم ، أي يمنعون ، وقيل : فعظ بهم من خلفهم أي من سواهم .
الآية نزلت في قوم ؛ علم الله أنهم لا يؤمنون ، وكان من عادتهم نقض العهد ، فأمر[ في الأصل وم : فأمرهم ] عز وجل رسوله أن ينكل بهؤلاء[ في الأصل وم : هؤلاء ] ليكون ذلك عبرة وزجرا لم بعدهم ، إن لم يكن ذلك لهم زجرا ، فيكون في تنكيل هؤلاء منفعة لغيرهم إذا رأى غيرهم أنه فعل بهؤلاء ما ذكر . يكون ذلك زجرا لهم عن مثل صنيعهم .
ولهذا ما قال : ( ولكم في القصاص حياة )[ البقرة : 179 ] من رأى أنه به امتنع عن قتل آخر ، فيكون في ذلك حياة الخلق ، وكذلك ما جعل من القتال ونصب الحرب في ما بينهم رحمة ؛ لأن في الطباع النفار عن القتل . فإذا رأى أنه يقتل بتركه الإسلام أجاب إلى الله إشفاقا على نفسه وخوفا على تلف مهجته ، فيكون في القتال رحمة . وكذلك جميع ما جعل الله في ما بين الخلق من العقوبات في النقض . وما دون النفس جعل زواجر وموانع عن المعاودة إلى مثله .
فعلى ذلك قوله ( فشرد به من خلفهم ) عظة وزجر لمن بعدهم ( لعلهم يذكرون ) لكي يذكروا[ في الأص وم : يذكرون ] النكال فلا ينقضوا العهد . وكذلك كل مرغوب في الدنيا ومرهوب جعل دواعي وزواجر لموعود في النار ، وجعل كل لذيذ وشهي في الدنيا داعيا لما وعد في الآخرة ، وكل كريه وقبيح زاجرا له عن الموعود في الآخرة في النار . وعلى هذا بناء أمر الدنيا . والتشريد قال أبو عبيدة : معناه من التفرقة ؛ أي فرق بينهم .
وقال القتبي : قوله : ( فشرد بهم من خلفهم ) أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتنكيل ، يتفرق به من وراءهم من الأعداء . وقال[ الواو ساقطة من الأصل وم ] : ويقال : ( فشرد بهم ) سمع بهم بلغة قريش ، وقيل : [ نكل بهم أي اجعلهم ][ في الأصل وم : نكلهم أي جعلهم ] عظة لمن وراءهم وهو ما ذكرنا .
وقال أبو عوسجة : التنكيل : التخويف والرد عما يكره ، والنكال العذاب . وقال غيره : ( فشرد بهم من خلفهم ) أي اخلفهم بهم بما صنع هؤلاء .
وقال أبو عبيد : التشريد في كلامهم التبديد والتفريق ، وبعضه قريب من بعض .
قال أبو عوسجة : قوله : ( فشرد بهم من خلفهم ) أي نكل بهم حتى يخافك من خلفهم ، والشريد الطريد ، والشريد أيضا القليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.