تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلّٞ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (54)

وقوله تعالى : ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) فإن قيل : ما فائدة تخصيص ذكر آل فرعون من بينهم ؟ وما الحكمة في تكرار قوله ( كدأب آل فرعون ) ؟ قيل : يحتمل ذكر آل فرعون لما كانوا أقرب إلى هؤلاء من غيرهم ممن كان قبلهم .

ألا ترى أنه قال : ( إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ) ؟ [ المزمل : 15 ] وأنه[ في الأصل وم : وإن ] يذكر أهل الكتاب منهم لما كانوا ينكرون بعث الرسل من غيرهم ، ويقولون : إن محمدا أمي بعث إلى الأميين مثله ؟ فقال : إن موسى لم يكن من القبط ، فبعث رسولا إليهم . فعلى ذلك محمد كان أميا ، فبعث إلى الأميين وغيرهم ، والله أعلم بذلك .

وأما فائدة التكرار ، والله أعلم ، فهو[ في الأصل وم : وهو ] أنه ذكر في الآية الأولى الأخذ بالذنوب والتعذيب ، ولم يبين ما كان ذلك العذاب ، فبين في الآية الأخرى أن ذلك العذاب هو الإهلاك والاستئصال حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( فأهلكهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون ) .

ويحتمل قوله تعالى : ( فأخذهم الله بذنوبهم )[ الأنفالك52 ] في الآخرة بكفرهم بآيات الله في الدنيا ، وذكر في إحدى[ من م ، في الأصل : أحد ] الآيتين العذاب في الآخرة ، وفي الآية الآخرى الإهلاك في الدنيا .

ولأنه ذكر في الآية الأولى الكفر بآيات الله ، ولم يبين ذلك [ وذكر ][ من م ، ساقطة من الأصل ] في الآية الأخرى التكذيب بآياته . فبين أن[ في الأصل وم : حيث ] الكفر بآياته هو تكذيبها .

ثم التكذيب إنما يكون في الأخبار ، وكذلك التصديق . وفيه دلالة أن الإيمان هوالتصديق لأنه جعل مقابلة وعيده التكذيب . وفيه دلالة أن الإيمان ليس هو المعرفة لأن مقابلة الجهل بالله ، ليس هو التكذيب ، لكن بالمعرفة يكون التصديق ، وبالجهل يكون التكذيب .