تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (46)

وقوله تعالى : ( وأطيعوا الله ورسوله ) أطيعوا الله في ما يأمركم بالجهاد والثبات مع العدو ( ورسوله ) في ما يأمركم بالمقام في المكان وا لثبات وترك الاختلاف والتنازع في الحرب ، وذلك بعض ما يستعان به في أمر الحرب ( ولا تنازعوا فتفشلوا ) أي لا تنازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما يأمركم به ، وعما ينهاكم كقوله تعالى : ( يجادلونك في الحق بعدما تبين )[ الأنفال : 6 ] لأنكم إذا تنازعتم اختلفتم ، فإذا اختلفتم تفرقتم ، فإذا تفرقتم فشلتم ، وجبنتم ، فلا تنصرون ، ولا تظفرون على عدوكم [ بل يظفر بكم عدوكم ][ في الأصل : ظفر بكم عدوكم ، في م : بل ظفر بكم ]

أو يقال : ( ولا تنازعوا ) لأنكم إذا تنازعتم تباغضتم ، فيشغلكم الباغض بأنفسكم ، فيبقى الجهاد مع العدو ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( ويذهب ريحكم ) قال بعضهم : نصركم وظفركم ، وقال بعضهم : يذهب ريح دولتكم ، ويحتمل الريح التي بها تنصرون .

وعلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «نصرت بالصبا وأهلك عادا بالدبور »[ البخاري1035 ] وهو ما [ ذكر الله تعالى ][ في الأصل وم : ذكرنا ] ( فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها )[ الأحزاب : 9 ] .

وقوله تعالى : ( واصبروا ) أي اصبروا للجهاد لقتال عدوكم ( إن الله مع الصابرين ) بالنصر لهم والظفر .

وفي هذه الآية تأديب من الله المؤمنين ، وتعليم منه في ما ذكرنا ؛ أي في أمر الحرب وأسباب القتال والمجاهدة مع العدو ؛ لأنه أمرهم بالثبات ، وأمرهم بذكر الله ، ونهاهم عن التنازع والاختلاف ، وذلك بعض ما يستعان به في الانتصار على عدوهم .