وقوله تعالى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) قرئ بالنصب ( للسَّلم ) وقرئ بالخفض للسِّلم وقال[ انظر معجم القراءات القرآنية ج2/460 ] أهل اللغة : من قرأ بالنصب ( للسلم ) حمل على المصالحة والموادعة ، ومن قرأ بالخفض للسلم جعل ذلك في الإسلام العهد على ما ذكرنا في قوله ( الذين عاهدت منهم ثم ينقصون عهدهم في كل مرة )[ الأنفال : 56 ] .
يقول : لا يمنعك عن الصلح معهم ما كان منهم من النقض ونكث العهود ( وتوكل على الله ) ولا تخف خيانتهم ونقضهم العهد فإن الله يطلعك ، ويكفيك على ذلك .
ومنهم من قال : قوله : ( وإن جنحوا للسلم ) أي إذا خضعوا ، وتوضعوا ، للإسلام فأقبل منهم ، واخضع لهم . كقوله : ( واخفض جناحك للمؤمنين )[ الحجر : 88 ] أمره بخفض الجناح لهم ، وكقول أبي بكر ؛ ذكر ههنا أنهم إذا طلبوا الصلح منا يلزمنا أن [ نقبل ذلك منهم ][ في الأصل وم : نعطيهم ] وإذا لم يطلبوا منا ذلك لنا أن نطلب منهم الصلح إلا أن نضطر إلى ذلك . وهو ما ذكر في آية أخرى [ حين قال ][ في الأصل وم : حيث ] ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون )[ محمد : 35 ] نهانا أن ندعوهم إلى الصلح ، ولنا قوة وعدة للقتال معهم . وأما إذا كانوا طلبوا منا ذلك أولا فيجابون إلى ذلك . ويحتمل ما ذكرنا أي لا يمنعك ما[ في الأصل وم : لما ] كان منهم من نقض العهد .
وقوله تعالى : ( فاجنح لها ) يحتمل ذكره بالتأنيث ؛ أي للمسالمة والمصالحة . وقال بعضهم :
السلم يأخذه منا ما رضيت به والحرب تكفيك من أنفاسها جرع
فإن قيل : ما المعنى في قول من قال بالإسلام بقوله : ( فاجنح لها ) وهو كان يدعو إلى الإسلام ، وهو /204-أ/ لا شك أنه كان يقبل منهم الإسلام ؟ قيل : يحتمل أن يكون الأمر بالقبول أمرا بترك المؤاخذة لما[ في الأصل وم : ما ] كان منهم في حال نقض العهد لأن من قولنا : إن ما أصابوا في حال العهد من الجراحات والأخذ يبتغون بها ، ويؤاخذون ، إذا أسلموا . وإذا نقضوا العهد ، ثم أصابوا شيئا من ذلك ، ثم أسلموا لم يؤاخذوا بذلك ، فيحتمل أن يقول لهم : ( فاجنح لها ) ولا يؤاخذهم بما كان منهم في حال نقض العهد .
وقال الحسن : هذا منسوخ ؛ نسخها قوله : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله )الآية[ التوبة : 29 ] وقال بعضهم : نسخها قوله : ( وقاتلوا المشركين )الآية[ التوبة : 36 ] وقال بعضهم : [ نسخها ][ من م ، ساقطة من الأصل ] قوله : ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون )[ محمد : 35 ] .
والوجه فيه ما ذكرنا أن الإمام إذا رأى الصلح والموادعة نصرا للمسلمين أجابهم إلى ذلك ، وصالحهم . وإذا طلبوا منه الصلح ، وبالمسلمين قوة القتال والحرب معهم ، لم يجبهم إلى ذلك . وما ذكر هؤلاء من نسخه فذلك لا نعرفه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.