النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ} (55)

قوله عز وجل : { إن أصحاب الجنة اليوم في شُغُل فاكهون } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : في افتضاض الأبكار ، قاله الحسن وسعيد بن جبير وابن مسعود وقتادة .

الثاني : في ضرب الأوتار ، قاله ابن عباس ومسافع بن أبي شريح .

الثالث : في نعمة ؛ قاله مجاهد .

الرابع : في شغل مما يَلقى أهل النار ، قاله إسماعيل بن أبي خالد وأبان بن تغلب . وروي بضم الغين وقرئ بتسكينها وفيها وجهان :

أحدهما : أن الشغل بالضم المحبوب .

الثاني : الشغل بالإسكان يعني المكروه ، فعلى هذا لا يجوز أن يقرأ بالأسكان في أهل الجنة ، ولا يقرأ بالضم في أهل النار .

{ فاكهون } ويقرأ : فكهون ، بغير ألف . وفي اختلاف القراءتين وجهان :

أحدهما : أنهما سواء ومعناهما واحد يقال فاكه وفكه كما يقال حاذر وحذر ، قاله الفراء .

الثاني : أن معناهما في اللغة مختلف فالفكه الذي يتفكه بأعراض الناس . والفاكه ذو الفاكهة ، قاله أبو عبيد وأنشد :

فكه إلى جنب الخوان إذا عدت *** نكْباء تقلع ثابت الأطنابِ

وفيه ها هنا أربعة تأويلات :

أحدها : فرحون ، قاله ابن عباس .

الثاني : ناعمون ، قاله قتادة .

الثالث : معجبون ، قاله مجاهد .

الرابع : ذو فاكهة كما يقال شاحم لاحم أي ذو شحم ولحم ، وكما قال الشاعر :

وغررتني وزعمت أنَّك لابنٌ بالصيف تامر ***

< أي ذو لبن وتمر>{[2312]} .


[2312]:من ك.