غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ} (55)

45

ثم فصل حال المحسنين بطريق الحكاية في ذلك اليوم تصويراً للموعود وترغيباً فيه فقال { إن أصحاب الجنة اليوم في شغل } لا يكتنه كنهه وفيه وجوه أقواها أنهم مشغولون عن هول ذلك اليوم بما لهم من الكرامات والدرجات . وقوله { فاكهون } مؤكد لذلك المعنى أي شغلوا عنه باللذة والسرور لا بالويل والثبور . وثانيها أنه بيان لحالهم ولا يريد أنهم شغلوا عن شيء بل المراد أنهم في عمل ، ثم بين عملهم بأنه ليس بشاق بل هو ملذ محبوب . وثالثها أنهم تصوروا في الدنيا أموراً يطلبونها في الجنة فإذا رأوا فيها ما لم يخطر ببالهم اشتغلوا به عنها . وعن ابن عباس أن الشغل افتضاض الأبكار أو ضرب الأوتار . وقيل : التزاور . وقيل : ضيافة الله . وعن الكلبي : هم في شغل عن أهاليهم من أهل النار لا يهمهم أمرهم لئلا يدخل عليهم تنغيص من تنعمهم . والفاكه والفكه المتنعم المتلذذ ومنه الفاكهة لأنها تؤكل للتلذذ لا للتغذي والفكاهة الحديث لأجل التلذذ لا للضرورة وقد جاء في التفاسير أن قوله { إن أصحاب الجنة } إنما يقال حين يسار بهم إلى الجنة فيؤل معنى الكلام إلى قول القائل إن أصحاب الجنة منكم يا أهل المحشر يؤل حالهم إلى أسعد حال فليمتازوا عنكم إلى الجنة .

/خ83