قوله عز وجل : { اليوم نختم على أفواههم } فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون منعها من الكلام هو الختم عليها .
الثاني : أن يكون ختماً يوضع عليها فيرى ويمنع من الكلام .
أحدها : لأنهم قالوا { والله ربنا ما كنا مشركين }
فختم الله تعالى على أفواههم حتى نطقت جوارحهم ، قاله أبو موسى الأشعري .
الثاني : لِيَعرفهم أهل الموقف{[2314]} فيتميزون منهم ، قاله ابن زياد .
الثالث : لأن إقرار غير الناطق أبلغ في الإلزام من إقرار الناطق لخروجه مخرج الإعجاز وإن كان يوماً لا يحتاج فيه إلى الإعجاز .
الرابع : ليعلم أن أعضاءه التي كانت له أعواناً في حق نفسه صارت عليه شهوداً في حق ربه .
{ وتُكلِّمنا أيديهم وتشهدُ أرجلهم بما كانوا يكسبون } وفي كلامها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يظهر منها سِمة تقوم [ مقام ] {[2315]} كلامها كما قال الشاعر :
وقد قالت العينان سمعاً وطاعة *** وحَدَّرتا كالدر لما يثَقّبِ
الثاني : أن الموكلين بها يشهدون عليها .
الثالث : أن الله تعالى يخلق فيها ما يتهيأ معه الكلام منها . روى الشعبي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بُعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل{[2316]} " . فإن قيل فلم قال : { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم } فجعل ما كان من اليد كلاماً ، وما كان من الرجل شهادة ؟
قيل لأن اليد مباشرة لعمله والرجل حاضرة ، وقول الحاضر على غيره شهادة ، وقول الفاعل على نفسه إقرار ، فلذلك عبّر عما صدر من الأيدي بالقول ، وعما صدر من الأرجل بالشهادة . وقد روى شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل اليسرى " .
فاحتمل أن يكون تقدم الفخذ بالكلام على سائر الأعضاء لأن لذة معاصيه يدركها بحواسه التي في الشطر الأعلى من جسده ، وأقرب أعضاء الشطر الأسفل منها الفخذ ، فجاز لقربه منها أن يتقدم في الشهادة عليها ، وتقدمت اليسرى لأن الشهوة في ميامن الأعضاء أقوى منها في مياسرها ، فلذلك تقدمت اليسرى على اليمنى لقلة شهوتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.