بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ} (55)

ثم قال : { إِنَّ أصحاب الجنة اليوم في شُغُلٍ فاكهون } يعني : يوم القيامة في شغل مما هم فيه . أي : عن الذي هم فيه { فاكهون } يعني : ناعمين . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو { في شُغُلٍ } بجزم الغين . وقرأ الباقون : بالضم . وهما لغتان . يقال : شغْل وشغُل مثل عُذْر وعذُر وعمْر وعمُر . قرأ أبو جعفر المدني : { فكِهون } بغير ألف ، وقراءة العامة { فاكهون } بالألف . فمن قرأ بغير ألف يعني : يتفكهون . قال أبو عبيد : يقال : للرجل إذا كان يتفكه بالطعام ، أو بالشراب ، أو بالفاكهة ، أو بأعراض الناس ، إن فلاناً يتفكه . ومنه يقال للمزاحة فكاهة . ومن قرأ بالألف يعني : ذوي فاكهة . وقال الفراء : فاكهة وفكهة لغتان ، كما يقال حذر وحاذر . وروي في التفسير { فاكهون } يعني : ناعمون . وفكهون معجبون . وقال الكلبي ومقاتل في قوله : { إِنَّ أصحاب الجنة } الآية يعني : شغلوا بالنعيم في افتضاض الأبكار العذارى عن أهل النار ، فلا يذكرونهم يعني : معجبين بما هم فيه من النعم والكرامة . قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : حدّثنا محمد بن الفضل بإسناده عن عكرمة في قوله : { في شُغُلٍ فاكهون } قال في افتضاض الأبكار . وروى زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ ، وَالشُّرْبِ ، وَالجمَاعِ » فقال رجل من أهل الكتاب : إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة . فقال الرسول : «يَفِيضُ مِنْ جَسَدِ أحَدِهِمْ عَرَقٌ مِثْلُ المِسْكِ الأذْفَرِ فَيَضْمُرُ بذلكَ بَطْنُهُ » .