النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{هَٰذَا فَلۡيَذُوقُوهُ حَمِيمٞ وَغَسَّاقٞ} (57)

قوله عز وجل : { هذا فليذوقوه حميمٌ وغساق } أي منه حميم ومنه غساق ، والحميم الحار ، وفي الغساق ستة أوجه :

أحدها : أنه البارد الزمهرير ، قاله ابن عباس فكأنهم عذبوا بحارّ الشراب وبارده .

الثاني : أنه القيح الذي يسيل من جلودهم ، قاله عطية .

الثالث : أنه دموعهم التي تسيل من أعينهم ، قاله قتادة .

الرابع : أنها عين في جهنم تسيل إليها حِمة كل ذي حِمة من حية أو عقرب ، قاله كعب الأحبار .

الخامس : أنه المنتن ، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً .

السادس : أنه السواد والظلمة وهو ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته ، قاله ابن بحر .

وفي هذا الاسم وجهان :

أحدهما : حكاه النقاش أنه بلغة الترك .

الثاني : حكاه ابن بحر وابن عيسى أنه عربي مشتق واختلف في اشتقاقه على وجهين :

أحدهما : من الغسق وهو الظلمة ، قاله ابن بحر .

الثاني : من غسقت القرحة تغسق غسقاً . إذا جرت وأنشد قطرب قول الشاعر :

فالعين مطروقة لبينهم *** تغسق في غربة سرها

وإليه ذهب ابن عيسى .

وفي { غساق } قراءتان بالتخفيف والتشديد وفيها وجهان :

أحدهما : أنهما لغتان معناهما واحد ، قاله الأخفش .

الثاني : معناهما مختلف والمراد بالتخفيف الاسم وبالتشديد الفعل وقيل إن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، وتقديره : هذا حميم وهذا غساق فليذوقوه .