السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَٰذَا فَلۡيَذُوقُوهُ حَمِيمٞ وَغَسَّاقٞ} (57)

وفي قوله تعالى : { هذا } أي : العذاب المفهوم مما بعده أوجه من الإعراب : أحدها : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : الأمر هذا ، ثم استأنف أمر فقال : { فليذوقوه } ثانيها : أنه مبتدأ أو خبره { حميمٌ وغساقٌ } واسم الإشارة يكتفي بواحده في المثنى كقوله تعالى : { عوان بين ذلك } ( البقرة : 68 ) أو يكون المعنى : هذا جامع بين الوصفين ويكون قوله تعالى : { فليذوقوه } جملة اعتراضية . ثالثها : أنه مبتدأ والخبر محذوف أي : هذا كما ذكر وهذا للطاغين وقيل غير ذلك ، وقيل : هذا على التقديم والتأخير والتقدير : هذا حميم وغساق فليذوقوه وقيل التقدير : جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه ثم يبتدئ فيقول : حميم وغساق أي : منه حميم وغساق ، والحميم : الحار الذي انتهى حره ، والغساق : ما يسيل من صديد أهل النار ، وقال كعب : هو عين في جهنم يسيل إليها كل ذوب حية وعقرب ، وقال أبو عمرو : هو القيح الذي يسيل من أهل النار فيجتمع فيسقونه ، وقال قتادة : هو ما يغسق أي : يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار ولحومهم وفروج الزناة ، وقيل : هو المنتن بلغة الترك ، حكى الزجاج لو قطرت منه قطرة بالمغرب لأنتنت أهل المشرق ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين والباقون بالتخفيف