النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (38)

قوله عز وجل : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } قال عبد الرحمن بن زيد : هم الأنصار بالمدينة استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين أنفذ إليهم قبل الهجرة اثني عشر نقيباً منهم .

{ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ } فيها وجهان :

أحدهما : أنه المحافظة على مواقيتها ، قاله قتادة .

الثاني : إتمامها بشروطها ، قاله سعيد بن جبير .

{ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } فيه أربع أوجه :

أحدها : أنهم كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملوا عليه فمدحهم الله تعالى به ؛ قاله النقاش .

الثاني : يعني أنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون فمدحوا على اتفاق كلمتهم . قال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم .

الثالث : هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم وورود النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له ، قاله الضحاك .

الرابع : أنهم يتشاورون فيما يعرض لهم فلا يستأثر بعضهم بخير دون بعض .

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : يريد به أداء الزكاة من أموالهم ، قاله السدي .

الثاني : إنفاق الحلال من أكسابهم ، وهو محتمل .