النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَجَزَـٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (40)

قوله عز وجل : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } فيه قولان :

أحدهما : أنه محمول على الجراح التي تتمثل في القصاص دون غيرها من سب أو شتم ، قاله الشافعي وأبو حنيفة وسفيان .

الثاني : أنه محمول على مقابلة الجراح وإذا قال أخزاه الله أو لعنه الله أن يقول مثله ، ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب ، قاله ابن أبي نجيح والسدي . وسمي الجزاء سيئة لأنه في مقابلتها وأنها عند المعاقب بها سواء .

{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } فأذن في الجزاء وندب إلى العفو .

وفي قوله : { وأَصْلَحَ } وجهان :

أحدهما : أصلح العمل ، قاله سعيد ابن جبير .

الثاني : أصلح بينه وبين أخيه ، قاله ابن زياد . وهذا مندوب إليه في العفو عن التائب دون المصرّ . روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مَن كَانَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ < فَيُقَالُ مَن ذَا الَّذي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَيَقُولُونَ العَافُونَ عَنِ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ>{[2487]} بِغَيرِ حِسَابٍ " .

{ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظّالِمِينَ } فيه وجهان :

أحدهما : الظالمين في الابتداء ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : المعتدي في الجزاء ، قاله ابن عيسى .


[2487]:ساقط من ع.