السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (38)

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { والذين استجابوا } أي : أوجدوا الإجابة لما لهم من العلم الهادي إلى سبيل الرشاد { لربهم } أي : الداعي لهم إلى إجابة إحسانه إليهم ، قال الرازي : المراد من هذا تمام الانقياد ، فإن قيل : أليس أنه لما جعل الإيمان فيه شرطاً قد دخل في الإيمان إجابة الله تعالى ؟ أجيب : بأنه يحمل هذا على الرضا بقضاء الله تعالى من صميم القلب وأن لا يكون في قلبه منازعة .

الصفة الخامسة : قوله سبحانه وتعالى : { وأقاموا } أي : أداموا { الصلاة } الواجبة { وأمرهم } أي : كل ما ينوبهم مما يحوجهم إلى تدبير { شورى بينهم } أي : يتشاورون فيه مشاورة عظيمة مبالغين بما لهم من قوة الباطن ولا يعجلون في أمورهم والشورى مصدر كالفتيا بمعنى التشاور .

الصفة السادسة ، قوله تعالى : { ومما رزقناهم } أي : أعطيناهم بعظمتنا من غير حول منهم ولا قوة { ينفقون } أي : يديمون الإنفاق في سبيل الله تعالى كرماً منهم ، وإن قل ما بأيديهم اعتماداً على فضل الله تعالى لا يقبضون أيديهم كالمنافقين .