تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة } أي أجابوا إلى ربهم ما دعاهم ربُّهم . وقد دعاهم إلى دار السلام بقوله : { والله يدعوا إلى دار السلام } [ يونس : 25 ] .

لكن جعل لإجابتهم شرائط وأعلاما ؛ فمن وفى بها استوجب الموعود ، وهو كقوله : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } الآية [ البقرة : 40 ] [ وقوله ]{[18776]} : { وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة } [ المائدة : 12 ] إلى آخر ما ذكر .

فعلى ذلك علّم إجابتهم لربهم وشرطها ما ذكر من قوله تعالى : { وأقاموا الصلاة } إلى آخر ما ذكر ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وأمرهم شورى بينهم } ذكر بعضهم أن الأنصار كانوا يتشاورون في ما بينهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم غائب ، فنزل هذا مدحا لهم على فعلهم .

وذُكر عن الحسن أنه تلا هذه الآية وقوله{[18777]} : { وأمرهم شورى بينهم } فقال{[18778]} : والله ما تشاور قوم قط إلا هداهم الله تعالى لأفضل ما بحضرتهم .

وأصله أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُشاور صحابته حين{[18779]} قال : { وشاورهم في الأمر } [ آل عمران : 159 ] . وقال الحسن : ما تشاور قوم في أمر إلا هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم ، لأن المشاورة اجتماع العقول والأذهان . وإذا اجتمعت كانت إلى استدراك الحق والصواب أسرع وأبلغ مما انفرد كل عقل بنفسه ، والله أعلم .

وقال القتبيّ : { وأمرهم شورى بينهم } أي يتشاورون فيه .

وقوله تعالى : { ومما رزقناهم ينفقون } ظاهر .


[18776]:ساقطة من الأصل وم.
[18777]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[18778]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[18779]:في الأصل وم: حيث.