النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ كَٱلۡفَخَّارِ} (14)

{ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلصَالٍ كَالفَخَّارِ } فيه خمسة أقاويل :

أحدها : أنه الطين المختلط برمل ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه الطين الرطب الذي إذا عصرته بيدك خرج الماء من بين أصابعك ، وهذا مروي عن عكرمة .

الثالث : أنه الطين اليابس الذي تسمع له صلصلة ، قاله قتادة .

الرابع : أنه الطين الأجوف الذي إذا ضرب بشيء صلّ وسُمِع له صوت .

الخامس : أنه الطين المنتن ، قاله الضحاك ، مأخوذ من قولهم صلَّ اللحم إذا أنتن .

والمخلوق من صلصال كالفخار{[2845]} هو آدم عليه السلام .

قال عبد الله بن سلام : خلق الله آدم من تراب من طين لازب ، فتركه كذلك أربعين سنة ، ثم صلصله كالفخار أربعين سنة ، ثم صوره فتركه جسداً لا روح فيه أربعين سنة ، فذلك مائة وعشرون سنة ، كل ذلك والملائكة تقول سبحان الذي خلقك ، لأمر ما خلقك .


[2845]:في سورة الحجر "من صلصال من حمأ مسنون" وفي الصافات "من طين لازب" وفي آل عمران "كمثل آدم خلقه من تراب" وذلك متفق المعنى، وذلك أنه أخذه من تراب فعجنه فصار طينا، ثم انتقل فصار كالحمأ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالا كالفخار. فالآيات إذن تحكي مراحل خلق آدم ولا تعارض بينها. انظر تفسير القرطبي 17 160.