ولما ذكر سبحانه خلق العالم الكبير ، وهو السماء والأرض وما فيها ، ذكر خلق العالم الصغير وقال : { خلق الإنسان } وهذا تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بواجب شكر النعم ، المتعلقة بذات كل واحد من الثقلين ، والمراد بالإنسان هنا آدم . قال القرطبي بالاتفاق من أهل التأويل ، ولا يبعد أن يراد به الجنس لأن بني آدم مخلوقون في ضمن خلق أبيهم آدم { من صلصال } أي : من طين يابس يسمع له صلصلة أي : صوت إذا نقر أي ليختبر هل فيه عيب أو لا ؟ وقيل هو طين خلط برمل وقيل : هو الطين المنتن يقال : صل اللحم وأصل ، إذا أنتن ، وقد تقدم بيانه في سورة الحجر .
{ كالفخار } أي الخزف الذي طبخ بالنار ، والمعنى : أنه خلق الإنسان من طين يشبه من يبسه الخزف ، فإن قلت : قد اختلفت العبارات في صفة خلق الإنسان الذي هو آدم ، فقال تعالى في آل عمران : { من تراب } وقال في الحجر : { من حمإ مسنون } ، وقال في الصفات : من طين لازب } ، وزاد الخازن : { من ماء مهين } ، وقال : هنا { من صلصال كالفخار } ، قلت : ليس فيها اختلاف بل المعنى متفق ، وذلك أن الله تعالى خلقه أولا من تراب ثم جعله طينا لازبا لما اختلط بالماء ، ثم حمأ مسنونا ، وهو الطين الأسود المنتن ، فلما يبس صار صلصالا كالفخار ، قال الخطيب : المذكور هنا آخر تخليقه وهو أنسب بالرحمانية وفي غيرها تارة مبدأه ، وتارة إثناؤه ، فالأرض أمه والماء أبوه ممزوجان بالهواء الحامل للحر ، الذي هو من فيح جهنم فمن التراب جسده ونفسه ومن الماء روحه وعقله ، ومن النار مطلب غوايته وحدته ومن الهواء حركته وتقلبه في محامده ومذامه .
والغالب في جبلته التراب فلذا نسب إليه وإن كان خلقه من العناصر الأربع كما أن الجان من العناصر الأربع ، لكن الغالب في جبلته النار فنسب إليها كما قال تعالى : { وخلق الجان من مارج }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.