المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

مقدمة السورة:

تحدثت هذه السورة الكريمة عن بعث الناس وحسابهم ، وعن القيامة وأهوالها ، ثم طمأنت الرسول صلى الله عليه وسلم على جمع القرآن في صدره ، ووجهت الردع إلى من يحبون العاجلة ويذرون الآخرة ، ووازنت بين وجوه المؤمنين الناضرة ، ووجوه الكافرين الباسرة ، وتحدثت كذلك عن حال المحتضر ، وما كان من تقصيره في الواجبات حتى كأنه يظن أن لا حساب عليه ، وختمت بالأدلة التي توجب الإيمان بالبعث .

1 - أقسم وأؤكد القسم بيوم القيامة - وهو الحق الثابت - وأقسم وأؤكد القسم بالنفس التي تلوم صاحبها على الذنب والتقصير ، لتبعثن بعد جمع ما تفرق من عظامكم ، أيحسب الإنسان - بعد أن خلقناه من عدم - أن لن نجمع ما بلى وتفرق من عظامه ؟ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

مقدمة السورة:

عنونت هذه السورة في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة ب{ سورة القيامة } لوقوع القسم بيوم القيامة في أولها ولم يقسم به فيما نزل قبلها من السور .

وقال الآلوسي : يقال لها { سورة لا أقسم } ، ولم يذكرها صاحب الإتقان في عداد السور ذات أكثر من اسم .

وهي مكية بالاتفاق .

وعدت الحادية والثلاثين في عداد نزول سور القرآن . نزلت بعد سورة القارعة وقبل سورة الهمزة .

وعدد آيها عند أهل العدد من معظم الأمصار تسعا وثلاثين آية ، وعدها أهل الكوفة أربعين .

أغراضها

اشتملت على إثبات البعث .

والتذكير بيوم القيامة وذكر أشراطه .

وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناس في الدنيا .

واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء وتكريم أهل السعادة .

والتذكير بالموت وأنه أول مراحل الآخرة .

والزجر عن إيثار منافع الحياة العاجلة على ما أعد لأهل الخير من نعيم الآخرة .

وفي تفسير أبن عطية عن عمر أبن الخطاب ولم يسنده : أنه قال من سأل عن القيامة أو أراد أن يعرف حقيقة وقوعها فليقرأ هذه السورة .

وأدمج في آيات لا تحرك به لسانك إلى { وقرأنه } لأنها في أثناء نزول هذه السورة كما سيأتي .

افتتاح السورة بالقسم مؤذن بأن ما سيذكر بعده أمر مهم لتستشرف به نفس السامع كما تقدم في عدة مواضع من أقسام القرآن .

وكونُ القَسَم بيوم القيامة براعةُ استهلال لأن غرض السورة وصف بيوم القيامة .

وفيه أيضاً كون المقسَم به هو المقسَم على أحواله تنبيهاً على زيادة مكانته عند المُقسِم كقول أبي تمام :

وثَنايَاك إِنَّها اِغرِيضُ *** ولَئاَلٍ تُؤْمٌ وبَرْقٌ ومِيضُ

كما تقدم عند قوله تعالى : { حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربياً } في سورة الزخرف ( 1 3 ) .

وصيغة { لا أقسم } صيغة قسم ، أدخل حرف النفي على فعل { أقسم } لقصد المبالغة في تحقيق حُرْمة المقسَم به بحيث يُوهِم للسامع أن المتكلم يهم أن يقسم به ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول : لا أقسم به ، أي ولا أقسم بأعزَّ منه عندي ، وذلك كناية عن تأكيد القَسم وتقدم عند قوله تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم } في سورة الواقعة ( 75 ) .

وفيه محسن بديعي من قبيل ما يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم . وهذا لم نذكره فيما مضى ولم يذكره أحد .

والقسم { بيوم القيامة } باعتباره ظرفاً لما يجري فيه من عدل الله وإفاضة فضله وما يحضره من الملائكة والنفوس المباركة .

وتقدم الكلام على { يوم القيامة } غير مرة منها قوله تعالى : { ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب } في سورة البقرة ( 85 ) .

وجواب القسم يؤخذ من قوله : { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } لأنه دليل الجواب إذ التقدير : لنجمعن عظام الإِنسان أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه .

وفي « الكشاف » « قالوا إنه ( أي لا أقسم ) في الإِمام بغير ألف » وتبرأ منه بلفظ ( قالوا ) لأنه مخالف للموجود في المصاحف . وقد نسب إلى البزي عن ابن كثير أنه قرأ { لأقسم } الأول دون ألف وهي رواية عنه ذكرها الشيخ علي النوري في « غيث النفع » ولم يذكرها الشاطبي . واقتصر ابن عطية على نسبتها إلى ابن كثير دون تقييد ، فتكون اللام لامَ قسم .