- قوله : ( لا أقسم بيوم القيامة ) إلى آخرها .
من النحويين من قال : " لا " زائدة كزيادتها في قوله : ( ما منعك إلا تسجد {[71712]} ) . ولم يمتنع {[71713]} أن تزاد في أول الكلام ، لأن القرآن كله كسورة واحدة {[71714]} وقد صح عن ابن عباس وغيره أنه قال : إن الله جل ذكره أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان في ليلة القدر . ثم نزل متفرقا من السماء على النبي صلى الله عليه وسلم {[71715]} . وقد قال الفراء : " لا " لا تزاد ( إلا في النفي ) {[71716]} ، وخالفه غيره فأجاز زيادتها في غير نفي . وقيل : [ إن {[71717]} " لا " من قوله : ( لا [ أقسم ] ) {[71718]} : جواب {[71719]} ، ثم استأنف فقال : أقسم بيوم القيامة {[71720]} . وكذلك هي زائدة [ بلا ] {[71721]} اختلاف في قوله : ( ولا أقسم بالنفس ) لأنها متوسطة بلا اختلاف ، ولأنها بعد نفي . هذا على قول من جعله أيضا قسما ثانيا {[71722]} . ومن جعله غير قسم جعل " لا " النافية . وهو قول الحسن {[71723]} . وقد قرأ قنبل {[71724]} عن ابن كثير : " لأقسم " بغير ألف بعد اللام {[71725]} ، وهو غلط عند الخليل وسيبويه لأنها لام عند {[71726]} قسم تلزمها النون المشددة {[71727]} .
قال ابن جبير : " ( لا أقسم بيوم القيامة ) معناه : أقسم بيوم القيامة " {[71728]} .
وقال أبو بكر ابن عياش {[71729]} : ( لا ) تأكيد للقسم, بولك : لا, والله {[71730]} .
وحكي عن بعض الكوفيين أن : ( لا ) رد لكلام قد مضى من {[71731]} المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار . ثم ابتدأ القسم فقال : ( أقسم بيوم القيامة ) . وكان يقول : كل يمين قبلها رد لكلام فلا بد من تقدم " لا " ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحدا واليمين تستأنف . قال : ألا ترى أنك تقول مبتدءا : والله إن الرسول لحق ؟ فإذا قلت : لا, والله إن الرسول لحق, فكأنك كذبت {[71732]} قوما أنكروه {[71733]} . وقيل : " لا " تنبيه بمعنى " ألا " . كما قال امرؤ القيس :
لا وأبيك ابنة العامر [ أي ] {[71734]} *** لا يدعي القوم أني [ أفر ] {[71735]}
قال ابن عباس : قوله : ( ولا أقسم بالنفس ) ( هو أيضا ) {[71736]} قسم . أقسم ربنا بما شاء من خلقه {[71737]} . وهو قول قتادة {[71738]} . وهو اختيار الطبري, فتكون " لا " الأولى رد لكلام تقدم, و " لا " الثانية زائدة {[71739]} . وقال الحسن : ( ولا أقسم بالنفس ) ليس بقسم . والمعنى : ولست أقسم بالنفس اللوامة {[71740]} . فتكون " لا " الأولى [ ردا ] {[71741]} لكلام تقدم أو زائدة ، و " لا " الثانية نافية غير زائدة .
وتأويل الكلام عند الطبري : لا ، ما الأمر . كما تقولون : أيها الناس . كأنه ( يقدر ) {[71742]} جواب القسم محذوفا . كأنه قال : ( لا ) {[71743]}, ما الأمر, كما تقولون : إن الله لا يبعث أحدا, أقسم بيوم القيامة ما الأمر كما تقولون {[71744]} . ودل على ذلك {[71745]} قوله : ( بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) {[71746]}, وقوله ( أيحسب الإنسان أن لن [ نجمع {[71747]} ] عظامه ) {[71748]}, أي : ا يحسب أن لن يبعث بعد موته ؟ ! ( الم يك نطفة من مني تمنى ثم كان علقة فخلف فسوى فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى أليس ذالك بقادر على أن يحيى الموتى, ( على خلاف ) {[71749]} ظنهم أنهم لا يبعثون . فالمعنى {[71750]} : ما الأمر كما تقولون أيها الناس من أن الله لا يبعث عباده بعد مماتهم, أقسم بيوم القيامة . قال : والمعروف في كلام الناس : إذا قال الرجل : " لا, والله ما فعلت " أن قولهم " لا " {[71751]}رد الكلام . وقولهم : " والله " : ابتداء يمين فكذلك ( لا أقسم بيوم القيامة ) {[71752]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.