لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي أربعون آية ومائة وتسع وتسعون كلمة وستمائة واثنتان وخمسون

حرفا .

قوله عز وجل : { لا أقسم بيوم القيامة } اتفقوا على أن المعنى أقسم ، واختلفوا في لفظ لا فقيل إدخال لفظة لا على القسم مستفيض في كلام العرب وأشعارهم ، قال امرؤ القيس :

لا وأبيك ابنة العامري *** لا يدعي القوم أني أفر

قالوا : وفائدتها تأكيد القسم كقولك لا والله ما ذاك كما تقول تريد والله فيجوز حذفها . لكنه أبلغ في الرّد مع إثباتها ، وقيل إنها صلة كقول الله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } وفيه ضعف لأنها لا تزاد إلا في وسط الكلام لا في أوله .

وأجيب عنه بأن القرآن في حكم السّورة الواحدة بعضه متصل ببعض يدل عليه أنه قد يجيء ذكر الشيء في سورة ، ويذكر جوابه في سورة أخرى كقوله :{ يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون }[ الحجر : 6 ] وجوابه في سورة{ ما أنت بنعمة ربك بمجنون } [ القلم : 2 ] وإذا كان كذلك كان أول هذه السورة جارياً مجرى الوسط وفيه ضعف أيضاً لأن القرآن في حكم السّورة الواحدة في عدم التناقض لا أن تقرن سورة بما بعدها فذلك غير جائز ، وقيل لا رد لكلام المشركين المنكرين للبعث أي ليس الأمر كما زعموا ، ثم ابتدأ فقال أقسم بيوم القيامة وأقسم بالنفس اللّوامة ، وقيل الوجه فيه أن يقال إن لا هي للنفي ، والمعنى في ذلك كأنه قال لا أقسم بذلك اليوم ولا بتلك النّفس إلا إعظاماً لهما فيكون الغرض تعظيم المقسم به وتفخيم شأنه ، وقيل معناه لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات هذا المطلوب فإنه إثباته أظهر من أن يقسم عليه . وروى البغوي في تفسير القيامة عن المغيرة بن شعبة قال : يقولون القيامة وقيامة أحدهم موته وشهد علقمة جنازة فلما دفنت قال أما هذا فقد قامت قيامته وفيه ضعف لاتفاق المفسرين على أن المراد به القيامة الكبرى لسياق الآيات في ذلك .