غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة القيامة وهي مكية حروفها ثلاثمائة واثنان وخمسون كلماتها مائة وتسع وتسعون آياتها أربعون ) .

1

التفسير : المشهور أن " لا " في { لا أقسم } صلة زائدة كما مر في قوله{ فلا أقسم بمواقع النجوم } [ الواقعة :75 ] واعترض عليه بوجوه أحدها : أنه يوجب الطعن في القرآن بحيث أنه لا يبقى الوثوق بنفيه وإثباته قلت : إذا عرف من استعمالات العرب زيادة لا في هذا الفعل المخصوص لم يبق للطاعن مجال على أن الحكم بزيادتها إنما هو بالنظر إلى أصل المعنى وإلا فلها في التركيب معان : الأول كأنها نفي لكلام قبل القسم وذلك أنهم أنكروا البعث كما أخبر الله في آخر السورة المتقدمة فقيل : ليس الأمر على ما ذكرتم ثم أقسم بكذا وكذا إنه لواقع . والثاني أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له فكأنه بإدخال حرف القسم يقول : إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام إنه يستأهل فوق ذلك . الاعتراض الثاني أن هذا الحرف إنما يزاد في وسط الكلام لا في أوّله وأجيب بالمنع ، ألا ترى أن امرأ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته :

فلا وأبيك ابنة العامري *** لا يدّعي القوم أني أفّر

وفائدة الزيادة كما تقرر . وقد يجاب بأن القرآن كله في حكم كلام واحد متصل بعضه ببعض ولاسيما هذه السورة وآخر السورة المتقدمة عليها ولكني أسألك غير مقسم أتحسب أنا لا تجمع عظامك إذا تفرقت بالموت ، فإن كنت تحسب ذلك فاعلم أنّا قادرون عليه . وقيل : المعنى على الاستفهام الإنكاري والتقدير : ألا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة على أن الحشر حق . وهذا التأويل يعضده قراءة من قرأ { لأقسم } على أن اللام للابتداء . وقال بعضهم : على هذه القراءة إنه أقسم بالقيامة تعظيماً لها ولم يقسم بالنفس اللوامة تحقيراً لها لأنها إما كافرة بالقيامة مع عظم أمرها ، وإما فاسقة مقصرة في العمل .

/خ40