فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القيامة

هي تسع وثلاثون آية وهي مكية بلا خلاف . وعن ابن عباس نزلت بمكة وعن ابن الزبير مثله .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لا أقسم بيوم القيامة } قال أبو عبيدة وجماعة من المفسرين أن ( لا ) زائدة والتقدير أقسم ، قال السمرقندي أجمع المفسرون أن معنى { لا أقسم } أقسم ، واختلفوا في تفسير لا فقال بعضهم هي زائدة وزيادتها جارية في كلام العرب كقوله { ما منعك أن لا تسجد } يعني أن تسجد { ولئلا يعلم أهل الكتاب } .

واعترضوا هذا بأنها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوله ، وأجيب بأن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض ، يدل على ذلك أنه قد يجيء ذكر الشيء في سورة ويذكر جوابه في سورة أخرى كقوله تعالى : { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } وجوابه في سورة أخرى { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } وإذا كان كذلك كان أول هذه السورة جاريا مجرى الوسط ، ورد هذا بأن القرآن في حكم السورة الواحدة في عدم التناقض ، لا في أن تقرن سورة بما بعدها فذلك غير جائز .

وقال الزمخشري إدخال لا النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم ، وفائدتها توكيد القسم ، وقال بعضهم هي رد لكلامهم حيث أنكروا البعث كأنه قال ليس الأمر كما ذكرتم ، أقسم بيوم القيامة ، وهذا قول الفراء وكثير من النحويين ، كقول القائل لا والله ف { لا } رد لكلام قد تقدمها ، وقيل هي للنفي لكن لا لنفي الأقسام بل لنفي ما ينبئ عنه من إعظام المقسم به وتفخيمه ، كأن معنى لا أقسم بكذا لا أعظمه بإقسامي به حق إعظامه ، فإنه حقيق بأكثر من ذلك ، وقيل إنها لنفي الإقسام لوضوح الأمر ، وقد تقدم الكلام على هذا في تفسير قوله { فلا اقسم بمواقع النجوم } .

وقرأ الحسن وابن كثير في رواية عنه والزهري وابن هرمز { لأقسم } بدون ألف على أن اللام لام الابتداء والقول الأول هو أرجح الأقوال ، وقد اعترض عليه ، الرازي بما لا يقدح في قوته ولا يفت في عضد رجحانه .

وإقسامه سبحانه بيوم القيامة لتعظيمه وتفخيمه ، ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته ، قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس عن قوله { لا أقسم بيوم القيامة } قال يقسم ربك بما شاء من خلقه .