إدخال «لا » النافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم قال امرؤ القيس :
لاَ وَأَبِيك ابْنَةَ الْعَامِرِيّ *** لاَ يَدَّعِى الْقَوْمُ أَنِّي أفِرّ
أَلاَ نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمالِ *** لِتَخْزُنَني فَلاَ بِكِ ما أُبَالِي
وفائدتها توكيد القسم ، وقالوا إنها صلة مثلها في { لئلا يعلم أهل الكتاب } [ الحديد : 29 ] وفي قوله :
في بئْرِ لاحورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ ***
اعترضوا عليه بأنها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوّله ، وأجابوا بأنّ القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض ، والاعتراض صحيح ؛ لأنها لم تقع مزيدة إلا في وسط الكلام ، ولكن الجواب غير سديد . ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته . والوجه أن يقال : هي للنفي . والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له يدلك عليه قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم ( 75 ) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( 76 ) } [ الواقعة : 75 - 76 ] ، فكأنه بإدخال حرف النفي يقول : إنّ إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام ؛ يعني أنه يستأهل فوق ذلك . وقيل إن «لا » نفي لكلام وردّ له قبل القسم ، كأنهم أنكروا البعث فقيل : لا ، أي ليس الأمر على ما ذكرتم ، ثم قيل : أقسم بيوم القيامة .
فإن قلت : قوله تعالى : { فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ النساء : 65 ] والأبيات التي أنشدتها : المقسم عليه فيها منفي ، فهلا زعمت أنّ «لا » التي قبل القسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له ، وقدّرت المقسم عليه المحذوف ههنا منفياً ، كقوله : { لآ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة ( 1 ) } ، لا تتركون سدى ؟ قلت : لو قصر الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ ، ولكنه لم يقصر . ألا ترى كيف لقي { لا أُقْسِمُ بهذا البلد } [ البلد : 1 ] ، بقوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان } [ التين : 4 ] ، وكذلك { فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم } [ الواقعة : 75 ] ، بقوله : ( إنه لقرآن كريم ) وقرىء : «لأقسم » على أنّ اللام للابتداء . وأقسم خبر مبتدأ محذوف ، معناه : لأنا أقسم . قالوا : ويعضده أنه في الإمام بغير ألف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.