فلما أتى موسى عليه السلام ذلك الضوء الذي رآه وهو في تلك الليلة ابن أربعين سنة نبىء عليه السلام . فروي أنه كان يمشي إلى ذلك النور فكان يبعد منه تمشي به الشجرة وهي خضراء غضة حتى { نودي } .
و «الشاطىء » والشط ضفة الوادي ، وقوله { الأيمن } يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطىء ، ويحتمل أن يكون المعادل{[9143]} لليسار فذلك لا يوصف به الشاطىء إلا بالإضافة إلى موسى في استقباله مهبط الوادي أو يعكس ذلك وكل هذا وقد قيل ، و «بركة البقعة » هي ما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام ، والناس على ضم الباء من «بُقعة » ، وقرأ بفتحها أبو الأشهب العقيلي{[9144]} ، قال أبو زيد : سمعت من العرب : هذه بَقعة طيبة بفتح الباء ، وقوله تعالى { من الشجرة } يقتضي أن موسى عليه السلام سمع ما سمع من جهة الشجرة ، وسمع وأدرك غير مكيف ولا محدد{[9145]} ، وقوله تعالى { أن يا موسى } يحتمل أن تكون { أن } مفسرة ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر ، وقرأت فرقة «أني أنا الله » بفتح «أني » .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فلما أتاها} أتى النار {نودي} ليلا {من شاطئ} يعني من جانب، يعني من الناحية {الواد الأيمن} يعني: يمين الجبل {في البقعة المباركة} والمباركة، لأن الله عز وجل كلم موسى، عليه السلام، في تلك البقعة نودي {من الشجرة}... {أن يا موسى} في التقديم {إني أنا الله} الذي ناديتك {رب العالمين} هذا كلامه عز وجل لموسى، عليه السلام.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: فلما أتى موسى النارَ التي آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطّورِ "نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِ الأَيمَنِ "يعني بالشاطئ: الشطّ، وهو جانب الوادي وعدوته... والأيمن: نعت من الشاطئ عن يمين موسى...
وقوله: "في البُقْعة المباركة" من صلة الشاطئ.
وتأويل الكلام: فلما أتاها نادى الله موسى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة منه من الشجرة: "أنْ يا مُوسَى إنّي أنا اللّهُ رَبّ العالَمِينَ".
وقيل: إن معنى قوله "مِنَ الشّجَرَةِ": عند الشجرة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قال بعضهم: {الأيمن} أي عن يمين الجبل. وقال بعضهم: عن يمين موسى. قال بعضهم: يمين الشجرة. ولكن الأيمن المبارك، وهو من اليمن... {في البقعة المباركة}. قال بعض أهل التأويل [سميت مباركة] لكثرة أشجارها و أنزالها وكثرة مياهها وعشبها. ولكن سمى الوادي مباركا وأيمن، والله أعلم، لأنه مكان الأنبياء والرسل وموضع الوحي.
قال في سورة النمل {نودي أن بورك من في النار ومن حولها} وقال ههنا {نودي إني أنا الله رب العالمين} وقال في طه {نودي إني أنا ربك} ولا منافاة بين هذه الأشياء فهو تعالى ذكر الكل إلا أنه حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه ذلك النداء.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ} أي: من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب، كما قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأمْرَ}، فهذا مما يرشد إلى أن موسى قصد النار إلى جهة القبلة، والجبل الغربي عن يمينه، والنار وجدها تضطرم في شجرة خضراء في لحْف الجبل مما يلي الوادي، فوقف باهتًا في أمرها، فناداه ربه: {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ}...
وقوله تعالى: {أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي: الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين، الفعال لما يشاء، لا إله غيره، ولا رب سواه، تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته، وأقواله وأفعاله سبحانه!
تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :
{فلما أتاها} بلغها بعد الذهاب إليها... والبقعة الأرض التي تخالف الأرض التي بجنبها {المباركة} بآيات الله عز وجل وأنواره، ودون ذلك ما قيل مباركة بالأرزاق والثمار الطيبة، فنقول المباركة بذلك كله، ولو كان المقام لغير الرزق والثمار، مع أنه مناسب لهما من حيث إن موسى وأهله في سفر، وهو محل احتياج، كما أنه أنسب بالآيات والأنوار.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
فأما المشهد الثاني فهو المفاجأة الكبرى: (فلما أتاها نودي من شاطى ء الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة..) فها هو ذا يقصد إلى النار التي آنساها، وها هو ذا في شاطئ الوادي إلى جوار جبل الطور، الوادي إلى يمينه، (في البقعة المباركة).. المباركة، منذ هذه اللحظة.. ثم هذا هو الكون كله تتجاوب جنباته بالنداء العلوي الآتي لموسى
(من الشجرة) ولعلها كانت الوحيدة في هذا المكان: (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين): وتلقى موسى النداء المباشر. تلقاه وحيدا في ذلك الوادي العميق، في ذلك الليل الساكن. تلقاه يتجاوب به الكون من حوله، وتمتلئ به السماوات والأرضون. تلقاه لا ندري كيف وبأية جارحة وعن أي طريق. تلقاه ملء الكون من حوله، وملء كيانه كله. تلقاه وأطاق تلقيه لأنه صنع على عين الله حتى تهيأ لهذه اللحظة الكبرى. وسجل ضمير الوجود ذلك النداء العلوي؛ وبوركت البقعة التي تجلى عليها ذو الجلال؛ و تميز الوادي الذي كرم بهذا التجلي، ووقف موسى في أكرم موقف يلقاه إنسان..
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
وبينما كان موسى يتوقع العثور على نار للتدفئة ونور للإضاءة، إذا به يفاجأ بما لم يكن في الحسبان، ويتبين له أن النار التي تخيلها من بعيد إنما هي شجرة خضراء، وجهته القدرة الإلهية نحوها، ليتلقى من خلالها نداء الرحمان.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.