الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِيَ مِن شَٰطِيِٕ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَيۡمَنِ فِي ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّيٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (30)

قوله : { مِن شَاطِىءِ } : " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ . والأَيْمن صفةٌ للشاطىء أو للوادي . والأَيمن من اليُمْن وهو البركة أو من اليمين المعادِلِ لليسار من العُضْوَيْن . ومعناه على هذا بالنسبة إلى موسى أي : الذي يَلي يمينَكَ دونَ يسارِك . والشاطىء ضفَّةُ الوادي والنهر أي حافَّتُه وطرفُه ، وكذلك الشَّطُّ والسِّيْفُ والساحلُ كلُّها بمعنى . وجَمْعُ الشاطىء/ أشْطَاء قاله الراغب . وشاطَأْتُ فلاناً : ماشَيْتُه على الشاطىء .

قوله : { فِي الْبُقْعَةِ } متعلقٌ ب " نُوْدِيَ " أو بمحذوفٍ على أنها حالٌ من الشاطىء . وقرأ العامَّةُ بضم الباء وهي اللغةُ العاليةُ . وقرأ مَسْلَمَةُ والأشهبُ العُقيلي بفتحها . وهي لغةٌ حكاها أبو زيدٍ . قال : " سَمِعْتُهم يقولون : هذه بَقْعَةٌ طيِّبةٌ " .

قوله : { مِنَ الشَّجَرَةِ } هذا بدلٌ مِنْ " شاطىء " بإعادةِ العاملِ ، وهو بدلُ اشتمال .

قوله : { أَن يمُوسَى } " أنْ " هي المفسِّرةُ . وجُوِّز فيها أَنْ تكونَ المخففةَ . واسمُها ضميرُ الشأنِ . وجملةُ النداءِ مفسِّرةٌ له . وفيه بُعدٌ .

قوله : { إِنِّي أَنَا اللَّهُ } العامَّةُ على الكسرِ على إضمار القولِ ، أو على تضمينِ النداءِ معناه . وقُرِىء بالفتح . وفيه إشكالٌ ؛ لأنه إنْ جُعِلَتْ " أَنْ " تفسيريةً وَجَبَ كسرُ " إِنِّي " للاستئنافِ المفسِّر للنداء بماذا كان ؟ وإنْ جَعلْتَها مخففةً لَزِم تقديرُ " أَنِّي " بمصدرٍ ، والمصدرُ مفردٌ ، وضميرُ الشأن لا يُفَسَّرُ بمفردٍ . والذي ينبغي أَنْ تُخَرَّج عليه هذه القراءةُ أَنْ تكون " أَنْ " تفسيريةً و " أني " معمولةٌ لفعلٍ مضمرٍ ، تقديرُه : أنْ يا موسى اعلَمْ أنِّي أنا الله .