المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

17- وأعطيناهم دلائل واضحة من أمر دينهم فما وقع بينهم اختلاف إلا من بعد ما جاءهم العلم بحقيقة الدين وأحكامه عداوة وحسداً فيما بينهم ، إن ربك يفصل بين المختلفين يوم القيامة في الأمر الذي كانوا فيه يختلفون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

قوله تعالى :{ وآتيناهم بينات من الأمر } يعني العلم بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وما بين لهم من أمره ، { فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون* }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

{ وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأمْرِ } أي : حججا وبراهين وأدلة قاطعات ، فقامت{[26317]} عليهم الحجج ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة ، وإنما كان ذلك بغيا منهم على بعضهم بعضا ، { إِنَّ رَبَّكَ } يا محمد { يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي : سيفصل بينهم بحكمه العدل . وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم ، وأن تقصد منهجهم ؛ ولهذا قال : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا }


[26317]:- (1) في ت: "فقامت به".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

ثم أوضح تعالى خطأهم وعظمه بقوله : { فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم } وذلك أنهم لو اختلفوا اجتهاداً في طلب صواب لكان لهم عذر في الاختلاف ، وإنما اختلفوا بغياً وقد تبينوا الحقائق ، ثم توعدهم تعالى بوقف أمرهم على قضائه بينهم يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

و{ بيّنات } صفة نزلت منزلة الجامد ، فالبينة : الحجة الظاهرة ، أي آتيناهم حججاً ، أي علمناهم بواسطة كتبهم وبواسطة علمائهم حجج الحق والهدى التي من شأنها أن لا تترك للشك والخطإ إلى نفوسهم سبلاً إلا سدتها .

و { الأمر } : الشأن كما في قوله : { وما أمر فرعون برشيدٍ } [ هود : 97 ] والتعريف في { الأمر } للتعظيم ، أي من شؤون عظيمة ، أي شأن الأمة وما به قوام نظامها إذْ لم يترك موسى والأنبياء من بعده شيئاً مُهماً من مصالحهم إلا وقد وضحوه وبينوه وحذروا من الالتباس فيه .

و { مِن } في قوله { من الأمر } بمعنى ( في ) الظرفيّة فيحصل من هذا أن معنى { وءاتيناهم بينات من الأمر } : علمناهم حججاً وعلوماً في أمر دينهم ونظامهم بحيث يكونون على بصيرة في تدبير مجتمعهم وعلى سلامة من مخاطر الخطإ والخطل . وفُرع على ذلك قولُه { فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم } تفريعَ إدماج لمناسبته للحالة التي أريد تنظيرها . وتقدير الكلام : فاختلفوا وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ، فحذف المفرَّع لدلالة ما بعده عليه على طريقة الإيجاز إذ المقصود هو التعجيب من حالهم كيف اختلفوا حينَ لا مظنة للاختلاف إذ كان الاختلاف بينهم بعدما جاءهم العلم المعهود بالذكر آنفاً من الكتاب والحُكم والنبوءة والبينات من الأمر ، ولو اختلفوا قبل ذلك لكان لهم عذر في الاختلاف وهذا كقوله تعالى : { وأضلّه الله على علم } [ الجاثية : 23 ] . وهذا الكلام كناية عن عدم التعجيب من اختلاف المشركين مع المؤمنين حيث إن المشركين ليسوا على علم ولا هدى ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملطوف به في رسالته .

والبغي : الظلم . والمراد : أن اختلافهم عن عمد ومكابرة بعضهم لبعض وليس عن غفلة أو تأويل ، وهذا الظلم هو ظلم الحسد فإن الحسد من أعظم الظلم ، أي فكذلك حال نظرائهم من المشركين ما اختلفوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا بغياً منهم عليه مع علمهم بصدقه بدلالة إعجاز القرآن لفظاً ومعاني .

وانتصب { بغياً } إمّا على المفعول لأجله ، وإمّا على الحال بتأويل المصدر باسم الفاعل ، وعلى كلا الوجهين فالعامل فيه فعل { اختلفوا } ، وإن كان منفياً في اللفظ لأن الاستثناء أبطل النفي إذ ما أريد إلا نفي أن يكون الاختلاف في وقت قبل أن يحثهم العلم فلما استفيد ذلك بالاستثناء صار الاختلاف ثابتاً وما عدا ذلك غير منفي .

وجملة { إن ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن خبرَهم العجيب يثير سؤالاً في نفس سامعه عن جزاء الله إياهم على فعلهم ، وهذا جواب فيه إجمال لتهويل ما سيُقضَى به بينهم في الخير والشر لأن الخلاف يقتضي محقّاً ومبطلاً .

ونظير هذه الآية قوله تعالى : { ولقد بوَّأنا بني إسرائيل مُبَوّأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } في سورة يونس ( 93 ) .