فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم بَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِۖ فَمَا ٱخۡتَلَفُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (17)

{ وآتيناهم بينات مّنَ الأمر } أي شرائع واضحات في الحلال والحرام ، أو معجزات ظاهرات ، وقيل : العلم بمبعث النبي ، وشواهد نبوّته ، وتعيين مهاجره : { فَمَا اختلفوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم } أي فما وقع الاختلاف بينهم في ذلك الأمر إلاّ بعد مجيء العلم إليهم ببيانه ، وإيضاح معناه ، فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجباً لثبوته ، وقيل : المراد بالعلم يوشع بن نون ، فإنه آمن به بعضهم وكفر بعضهم ، وقيل : نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، فاختلفوا فيها حسداً وبغياً ، وقيل : { بَغِيّاً } من بعضهم على بعض بطلب الرئاسة { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من أمر الدين ، فيجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .