المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

8- ليسأل الله يوم القيامة الأنبياء عمَّا قالوه لقومهم ، وأعد للكافرين بالرسل عذاباً أليما .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

قوله تعالى : { ليسأل الصادقين عن صدقهم } يقول : أخذنا ميثاقهم لكي يسأل الصادقين ، يعني النبيين عن تبليغهم الرسالة . والحكمة في سؤالهم ، مع علمه أنهم صادقون ، تبكيت من أرسلوا إليهم . وقيل : ليسأل الصادقين عن عملهم لله عز وجل . وقيل : ليسأل الصادقين بأفواههم عن صدقهم في قلوبهم . { وأعد للكافرين عذاباً أليماً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

وقوله : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ } ، قال مجاهد : المبلغين المؤدين عن الرسل .

وقوله : { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ } أي : من أممهم { عَذَابًا أَلِيمًا } أي : موجعا ، فنحن نشهد أن الرسل قد بَلَّغُوا رسالات ربهم ، ونصحوا الأمم وأفصحوا لهم عن الحق المبين ، الواضح الجلي ، الذي لا لبس فيه ، ولا شك ، ولا امتراء ، وإن كذبهم مَنْ كذبهم من الجهلة والمعاندين والمارقين والقاسطين ، فما جاءت به الرسل هو الحق ، ومَنْ خالفهم فهو على الضلال .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { لّيَسْأَلَ الصّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } .

يقول تعالى ذكره : أخذنا من هؤلاء الأنبياء ميثاقهم كيما أسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم ، وما فعل قومهم فيما أبلغوهم عن ربهم من الرسالة . وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد لِيَسْأَلَ الصّادقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ قال : المبلغين المؤدّين من الرسل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لِيَسْألَ الصّادقِينَ عَنْ صدْقِهِمْ قال : المبلغين المؤدّين من الرسل .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أُسامة ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد لِيَسْأَلَ الصّادقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ قال : الرسل المؤدّين المبلغين .

وقوله : وأعَدّ للكافِرِينَ عَذَابا ألِيما يقول : وأعدّ للكافرين بالله من الأمم عذابا موجعا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

واللام في قوله { ليسأل } متعلقة ب { أخذنا } ، ويحتمل أن تكون لام كي ، أي بعثت الرسل وأخذت عليها المواثيق في التبليغ لكي يجعل الله خلقه فرقتين ، فرقة صادقة يسألها عن صدقها على معنى إقامة الحجة والتقرير كما قال لعيسى عليه السلام «أأنت قلت للناس » ؟{[9464]} فتجيبه بأنها قد صدقت الله في إيمانها وجميع أفعالها فيثيبها على ذلك ، وفرقة كفرت فينالها ما أعد لها من العذاب الأليم ويحتمل أن تكون اللام في قوله { ليسأل } لام الصيرورة ، أي أخذ المواثيق على الأنبياء ليصير الأمر إلى كذا والأول أصوب ، والصدق في هذه الآية يحتمل أن يكون المضاد للكذب في القول ، ويحتمل أن يكون من صدق الأفعال واستقامتها ، ومنه عود صدق وصدقني السيف والمال ، وقال مجاهد { الصادقين } في هذه الآية أراد بهم الرسل ، أي يسألهم عن تبليغهم ، وقال أيضاً أراد المؤدين المبلغين عن الرسل وهذا كله محتمل .


[9464]:من الآية(116) من سورة (المائدة).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

واللام في قوله { ليسأل الصادقين عن صدقهم } لام كي ، أي : أخذنا منهم ميثاقاً غليظاً لنعظّم جزاءً للذين يُوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ولنُشدِّد العذاب جزاءً للذين يكفرون بما جاءتهم به رسل الله ، فيكون من دواعي ذكر هذا الميثاق هنا أنه توطئة لذكر جزاء الصادقين وعذاب الكافرين زيادة على ما ذكرنا من دواعي ذلك آنفاً . وهذه علة من علل أخذ الميثاق من النبيئين وهي آخر العِلل حصولاً فأشعر ذكرُها بأن لهذا الميثاق عِللاً تحصل قبل أن يُسْأل الصادقون عن صدقهم ، وهي ما في الأعمال المأخوذ ميثاقهم عليها من جلب المصالح ودرء المفاسد ، وذلك هو ما يُسأل العاملون عن عمله من خير وشرٍ .

وضمير { يسأل } عائد إلى الله تعالى على طريقة الالتفات من التكلم إلى الغيبة .

والمراد بالصادقين أمم الأنبياء الذين بلغهم ما أُخذ على أنبيائهم من الميثاق ، ويقابلهم الكافرون الذين كذبوا أنبياءهم أو الذين صدقوهم ثم نقضوا الميثاق من بعد ، فيشملهم اسم الكافرين .

والسؤال : كناية عن المؤاخذة لأنها من ثواب جواب السؤال أعني إسداء الثواب للصادقين وعذاب الكافرين ، وهذا نظير قوله تعالى { لا يُسْألُ عمّا يفعل } [ الأنبياء : 23 ] ، أي : لا يتعقب أحد فعله ولا يؤاخذه على ما لا يلائمه ، وقول كعب بن زهير :

وقيل : إنك منسوب ومسؤول

وجملة { وأعد للكافرين } عطف على جملة { ليسأل الصادقين } وغُيّر فيها الأسلوب للدلالة على تحقيق عذاب الكافرين حتى لا يتوهم أنهم يسألون سؤال من يُسْمَع جوابُهم أو معذرتُهم ، ولإفادة أن إعداد عذابهم أمر مضى وتقرر في علم الله .