فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِّيَسۡـَٔلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدۡقِهِمۡۚ وَأَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابًا أَلِيمٗا} (8)

واللام في قوله : { لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ } يجوز أن تكون لام كي ، أي لكي يسأل الصادقين من النبيين عن صدقهم في تبليغ الرسالة إلى قومهم ، وفي هذا وعيد لغيرهم ؛ لأنهم إذا كانوا يسألون عن ذلك فكيف غيرهم ؟ وقيل : ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم كما في قوله : { فَلَنَسْئَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين } [ الأعراف : 6 ] ويجوز أن تتعلق بمحذوف ، أي فعل ذلك ليسأل { وَأَعَدَّ للكافرين عَذَاباً أَلِيماً } معطوف على ما دل عليه { لِّيَسْأَلَ الصادقين } إذ التقدير : أثاب الصادقين وأعدّ للكافرين ، ويجوز أن يكون معطوفاً على { أخذنا } لأن المعنى : أكد على الأنبياء الدعوة إلى دينه ليثيب المؤمنين وأعدّ للكافرين . وقيل : إنه قد حذف من الثاني ما أثبت مقابله في الأوّل ، ومن الأوّل ما أثبت مقابله في الثاني ، والتقدير : ليسأل الصادقين عن صدقهم فأثابهم ، ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم وأعدّ لهم عذاباً أليماً . وقيل : إنه معطوف على المقدّر عاملاً في { ليسأل } كما ذكرنا ، ويجوز أن يكون الكلام قد تمّ عند قوله : { لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ } وتكون جملة : { وَأَعَدّ لهمَ } ، مستأنفة لبيان ما أعدّه للكفار .

/خ17