واللام في { ليسأل } ، قيل : يحتمل أن تكون لام الصيرورة ، أي أخذ الميثاق على الأنبياء ليصير الأمر إلى كذا ، والظاهر أنها لام كي ، أي بعثنا الرسل وأخذنا عليهم المواثيق في التبليغ ، لكي يجعل الله خلقه فرقتين : فرقة يسألها عن صدقها على معنى إقامة الحجة ، فتجيب بأنها قد صدقت الله في إيمانها وجميع أفعالها ، فيثيبها على ذلك ؛ وفرقة كفرت ، فينالها ما أعد لها من العذاب .
فالصادقون على هذا المسؤولون هم : المؤمنون .
والهاء في { صدقهم } عائدة عليهم ، ومفعول { صدقهم } محذوف تقديره : عن صدقهم عهده .
أو يكون { صدقهم } في معنى : تصديقهم ، ومفعوله محذوف ، أي عن تصديقهم الأنبياء ، لأن من قال للصادق صدقت ، كان صادقاً في قوله .
أو ليسأل الأنبياء الذي أجابتهم به أممهم ، حكاه علي بن عيسى ؛ أو ليسأل عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم ، حكاه ابن شجرة ؛ أو ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم ، قاله مجاهد ، وفي هذا تنبيه ، أي إذا كان الأنبياء يسألون ، فكيف بمن سواهم ؟ وقال مجاهد أيضاً : { ليسأل الصادقين } ، أراد المؤدين عن الرسل . انتهى .
وسؤال الرسل تبكيت للكافرين بهم ، كما قال تعالى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } وقال تعالى : { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين } { وأعد } : معطوف على { أخذنا } ، لأن المعنى : أن الله أكد على الأنبياء الدعاء إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين .
{ وأعد للكافرين عذاباً أليماً } ، أو على ما دل عليه : { ليسأل الصادقين } ، كأنه قال : فأثاب المؤمنين وأعد للكافرين ، قالهما الزمخشري .
ويجوز أن يكون حذف من الأول ما أثيب به الصادقون ، وهم المؤمنون ، وذكرت العلة ؛ وحذف من الثاني العلة ، وذكر ما عوقبوا به .
وكان التقدير : ليسأل الصادقين عن صدقهم ، فأثابهم ؛ ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم ، كقوله : { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ، فعميت عليهم الانباء } و { أعد لهم عذاباً أليماً } فحذف من الأول ما أثبت مقابله في الثاني ، ومن الثاني ما أثبت مقابله في الأول ، وهذه طريقة بليغة ، وقد تقدم لنا ذكر ذلك في قوله : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق } وأمعنا الكلام هناك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.