المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} (56)

56- وما خلقت الجن والإنس لشيء يعود علىّ بالنفع ، وإنما خلقتهم ليعبدوني ، والعبادة نفع لهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} (56)

قوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } قال الكلبي والضحاك وسفيان : هذا خاص لأهل طاعته من الفريقين ، يدل عليه قراءة ابن عباس : { وما خلقت الجن والإنس - من المؤمنين - إلا ليعبدون }( الاعراف-179 ) ، ثم قال في آية أخرى : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس } . وقال بعضهم : وما خلقت السعداء من الجن والإنس إلا لعبادتي والأشقياء منهم إلا لمعصيتي ، وهذا معنى قول زيد بن أسلم ، قال : هم على ما عليه من الشقاوة والسعادة . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { إلا ليعبدون } أي : إلا لآمرهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي ، يؤيده قوله عز وجل : { وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً }( التوبة-31 ) . وقال مجاهد : إلا ليعرفوني . وهذا حسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده ، دليله : قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله }( الزخرف-87 ) . وقيل : معناه إلا ليخضعوا إلي ويتذللوا ، ومعنى العبادة في اللغة : التذلل والانقياد ، فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله ، متذلل للمشيئة لا يملك أحد لنفسه خروجاً عما خلق عليه قدر ذرة من نفع ولا ضر . وقيل : ( إلا ليعبدون ) إلا ليوحدون ، فأما المؤمن فيجده في الشدة والرخاء ، وأما الكافر فيجده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء ، بيانه قوله عز وجل : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } ( العنكبوت-65 ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} (56)

ثم قال : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { إِلا لِيَعْبُدُونِ } أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعا أو كرها{[27461]} وهذا اختيار ابن جرير .

وقال ابن جُرَيْج : إلا ليعرفون . وقال الربيع بن أنس : { إِلا لِيَعْبُدُونِ } أي : إلا للعبادة . وقال السدي : من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع ، { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [ لقمان : 25 ] هذا منهم عبادة ، وليس ينفعهم مع الشرك . وقال الضحاك : المراد بذلك المؤمنون .


[27461]:- (2) في م: "وكرها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَما خَلَقْتُ الجِنّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ فقال بعضهم : معنى ذلك : وما خلقت السّعداء من الجنّ والإنس إلا لعبادتي ، والأشقياء منهم لمعصيتي . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن زيد بن أسلم وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونَ قال : ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن زيد بن أسلم بنحوه .

حدثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن زيد بن أسلم ، بمثله .

حدثنا حُمَيد بن الربيع الخرّاز ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : حدثنا ابن جُرَيج ، عن زيد بن أسلم ، في قوله : وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ قال : جَبَلَهم على الشقاء والسعادة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَما خَلَقْتُ الجِنّ والإنْس إلاّ لِيَعْبُدُونَ قال : من خلق للعبادة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك . وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليُذْعِنوا لي بالعبودة . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَما خَلَقْتُ الجِنّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ : إلا ليقرّوا بالعبودة طوعا وكَرها .

وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرنا عن ابن عباس ، وهو : ما خلقت الجنّ والإنس إلا لعبادتنا ، والتذلل لأمرنا .

فإن قال قائل : فكيف كفروا وقد خلقهم للتذلل لأمره ؟ قيل : إنهم قد تذللوا لقضائه الذي قضاه عليهم ، لأن قضاءه جار عليهم ، لا يقدرون من الامتناع منه إذا نزل بهم ، وإنما خالفه من كفر به في العمل بما أمره به ، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه .