ثم قال : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ 56 ] يعني {[65356]} : من المؤمنين المتقدم ذكرهم ، لم يخلق المؤمن من الجن والإنس {[65357]} إلا للعبادة {[65358]} .
يعني : من علم منهم أنه يؤمن ، فخلقه لما علم منه ، وهو الإيمان .
وقيل معنى الآية : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفوني {[65359]} {[65360]} ، فكل الخلق مقر بالله عارف به كما قال : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله {[65361]} } .
وقيل المعنى : و ما خلقت الجن والإنس إلا لأستعبدهم {[65362]} واختبرهم {[65363]} ، فقد استبعد {[65364]} الجميع وأمرهم ونهاهم ، فكفر فريق ، وآمن فريق على ما علم منهم قبل خلقه لهم .
ويدل على أن الآية ليست على العموم كثرة من يموت قبل وجوب العبادة عليه ، نحو الأطفال ، وكثرة من يعيش معتوها لا تجب عليه عبادة ، فدل ذلك على أن الآية خصوص فيمن علم منه العبادة والطاعة من الجن والإنس خلقه ( له ) {[65365]} ليعبده كما علم منه ذلك ؛ فيجازيه على ذلك ، لأن علمه {[65366]} بطاعتهم لا يجازون عليها حتى يخلقهم {[65367]} ويعلمون ، فخلقهم ليعملوا فتقع المجازات على ما ظهر من طاعتهم ، فأخبر أنه خلقهم لذلك ، فإنما عني أنه خلق المؤمنين من الجن والإنس الذين {[65368]} تنفعهم الذكرى {[65369]} لعبادته فكانوا كذلك كما قال : { كما بدأكم تعودون }/ {[65370]} {[65371]} .
وقد قال تعالى ذكره {[65372]} : { إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا } {[65373]} .
ثم قال : { عينا يشرب بها عباد الله } {[65374]} يعني الأبرار خاصة المذكورين ليس يريد كل عباد الله ، فهذا مثل ذلك ، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الآية . معناها : ما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بعبادتي اختيارا {[65375]} . ( وقيل معناه : ما خلقت أهل السعادة من الفريقين إلا ليوحدون ) {[65376]} {[65377]} .
وقال ابن عباس : إلا ليعبدون ؛ أي : من خلقت منهم لعبادتي خصوصا يعني المؤمنين منهم {[65378]} .
وقال {[65379]} زيد بن أسلم : إلا ليعبدون : هو ما جبلوا عليه من الشقاء {[65380]} والسعادة {[65381]} .
وقال سفيان ، معناه : من خلق للعبادة منهم لم يخلق إلا لها {[65382]} .
وقال ابن عباس : لم يخلق الفريقين إلا ليقروا بالعبادة طوعا وكرها {[65383]} ، فيكون عاما وعلى الأقوال الأول يكون مخصوصا {[65384]} .
وقيل : المعنى ما خلقهم إلا ليأمرهم بالعبادة {[65385]} ، فمن تقدم له منهم {[65386]} في علم الله الطاعة أطاع أمره ، ومن تقدم له في علم الله المعصية عصى أمره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.