وقوله سبحانه : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } قال ابن عباس وعليٌّ : المعنى : ما خلقت الجن والإنس إلاَّ لآمرهم بعبادتي ، وليقرُّوا لي بالعبودِيَّةِ ، وقال زيد بن أسلمَ وسفيان : هذا خاصٌّ ، والمراد : ما خلقت الطائعين من الجن والإنس إلاَّ لعبادتي ، ويؤَيِّدُ هذا التأويلَ أَنَّ ابن عباس رَوَى عَن النبي صلى الله عليه وسلم : أَنَّهُ قَرَأَ : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ " ، وقال ابن عباس أيضاً : معنى { لِيَعْبُدُونِ } : ليتذللوا لي ولقدرتي ، وإنْ لم يكن ذلك على قوانينِ شرع ، وعلى هذا التأويل فجميعهم من مُؤمن وكافر مُتَذَلِّلٌ للَّه عز وجل ؛ أَلاَ تراهم عند القحوط والأمراض وغيرِ ذلك كيف يخضعون للَّه ويتذللون .
( ت ) : قال الفخر فإنْ قيل : ما العبادة التي خلق اللَّه الجن والإنسَ لها ؟ قلنا : التعظيم لأمر اللَّه ، والشفقةُ على خلق اللَّه ؛ فإنَّ هذين النوعينِ لم يَخْلُ شرعٌ منهما ، وأَمَّا خصوص العبادات فالشرائع مختلفة فيها : بالوضع والهيئة ، والقِلَّةِ والكَثْرَةِ ، والزَّمان والمكان ، والشَّرَائِطِ والأركان ، انتهى . ونقل الثعلبيُّ وغيره عن مجاهد : { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي : ليعرفوني ، قال صاحب «الكَلِمِ الفارقية » : " المعرفة باللَّه تملأ القلبَ مَهَابَةً ومخافَةً ، والعينَ عَبْرَةً وعِبْرةً وحياءً وخَجْلَةً ، والصَّدْرَ خُشُوعاً وَحُرْمَةً ، والجوارحَ استكانةً وذِلَّةً وطاعةً وخدمةً ، واللسانَ ذكراً وحمداً ، والسمعَ إصغاءً وَتفَهُّماً ، والخواطِرَ في مواقف المناجات خموداً ، والوساوِسَ اضمحلالاً " ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.