المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

99- ومنذ إتمام السد ظل يأجوج ومأجوج من ورائه يضطربون فيما بينهم ، وحبس شرهم عن الآخرين ، فإذا كان يوم القيامة ونفخ في الصور جمع الله الخلائق جميعاً للحساب والجزاء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

قوله تعالى : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } ، قيل : هذا عند السد ، يقول : تركنا يأجوج ومأجوج ، أي : يدخل ، بعضهم في بعض ، كموج الماء ، ويختلط بعضهم ببعض لكثرتهم . وقيل : هذا عند قيام الساعة ، يدخل الخلق بعضهم في بعض ، ويختلط إنسيهم بجنيهم حيارى . { ونفخ في الصور } ، لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة ، { فجمعناهم جمعاً } ، في صعيد واحد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

83

ثم نعود إلى سياق السورة . فنجده يعقب على ذكر ذي القرنين للوعد الحق بمشهد من مشاهد القيامة .

( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ، ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ؛ وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ، الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري ، وكان لا يستطيعون سمعا ) .

وهو مشهد يرسم حركة الجموع البشرية من كل لون وجنس وأرض . ومن كل جيل وزمان وعصر ، مبعوثين منشرين . يختلطون ويضطربون في غير نظام وفي غير انتباه ، تتدافع جموعهم تدافع الموج وتختلط اختلاط الموج . . ثم إذا نفخة التجمع والنظام : ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا فإذا هم في الصف في نظام !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

{ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } وجعلنا بعض يأجوج ومأجوج حين يخرجون مما وراء السد يموجون في بعض مزدحمين في البلاد ، أو يموج بعض الخلق في بعض فيضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى ويؤيده قوله : { ونُفخ في الصور } لقيام الساعة . { فجمعناهم جمعا } للحساب والجزاء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

الترك : حقيقته مفارقة شيء شيئاً كان بقربه ، ويطلق مجازاً على جعل الشيء بحالة مخالفة لحالة سابقة تمثيلاً لحال إلفائه على حالة ، ثم تغييرها بحال من كان قرب شيء ثم ذهب عنه ، وإنما يكون هذا المجاز مقيداً بحالة كان عليها مفعول تَرك ، فيفيد أن ذلك آخر العهد ، وذلك يستتبع أنه يدوم على ذلك الحال الذي تركه عليها بالقرينة .

والجملة عطف على الجملة التي قبلها ابتداء من قوله { حتى إذا بلغ بين السدين ، } فهذه الجملة لذكر صنع الله تعالى في هذه القصة الثالثة من قصص ذي القرنين إذ ألهمه دفع فساد ياجوج وماجوج ، بمنزلة جملة { قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب } في القصة الأولى ، وجملة { كذلك وقد أحطنا بما لديه خبراً } فجاء أسلوب حكاية هذه القصص الثلاث على نسق واحد .

و { يومئذ } هو يوم إتمام بناء السد المستفاد من قوله { فما اسطاعوا أن يظهروه } الآية .

و { يَمُوج } يضطرب تشبيهاً بموج البحر .

وجملة { يَمُوج } حال من { بعضهم } أو مفعول ثان ل { تَرَكنا } على تأويله ب ( جعلنا ) ، أي جعلنا ياجوج وماجوج يومئذ مضطربين بينهم فصار فسادهم قاصراً عليهم ودفع عن غيرهم .

والنار تأكل نفسها *** إن لم تجد ما تأكله

لأنهم إذا لم يجدوا ما اعتادوه من غزو الأمم المجاورة لهم رجع قويهم على ضعيفهم بالاعتداء .

{ وَنُفِخَ فِى الصور فجمعناهم جَمْعاً }

تخلصٌ من أغراض الاعتبار بما في القصة من إقامة المصالح في الدنيا على أيدي من اختاره الله لإقامتها من خاصة أوليائه ، إلى غرض التذكير بالموعظة بأحوال الآخرة ، وهو تخلص يؤذن بتشبيه حال تموجهم بحال تموج الناس في المحشر ، تذكيراً للسامعين بأمر الحشر وتقريباً بحصوله في خيال المشركين . فإن القادر على جمع أمة كاملة وراء هذا السد ، بفعل من يسره لذلك من خلقه ، هو الأقدر على جمع الأمم في الحشر بقدرته ، لأنّ متعلقات القدرة في عالم الآخرة أعجب . وقد تقدّم أن من أهم أغراض هذه السورة إثبات البعث . واستعمل الماضي موضع المضارع تنبيهاً على تحقيق وقوعه .

والنفخ في الصور تمثيلية مكنية تشبيهاً لحال الدّاعي المطاع وحال المدعو الكثير العدد السريع الإجابة ، بحال الجند الذين ينفذون أمر القائد بالنفير فينفخون في بوق النفير ، وبحال بقية الجند حين يسمعون بوق النفير فيسرعون إلى الخروج . على أنه يجوز أن يكون الصور من مخلوقات الآخرة .

والحالة الممثلة حالة غريبة لا يعلم تفصيلها إلا الله تعالى .

وتأكيد فعلي { جمعناهم } و { عرضنا } بمصدريهما لتحقق أنه جمع حقيقي وعرض حقيقي ليسا من المجاز ، وفي تنكير الجمع والعرض تهويل .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وتركنا عبادنا يوم يأتيهم وعدنا الذي وعدناهم، بأنا ندكّ الجبال ونَنْسِفها عن الأرض نسفا، فنذرها قاعا صفصفا، بعضهم يموج في بعض، يقول: يختلط جنهم بإنسهم...

"وَنُفِخَ فِي الصّورِ"... عن عبد الله بن عمرو، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن أعرابيا سأله عن الصّور، قال: «قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ»...

حدثنا محمد بن الحارث القنطري، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: كنت في جنازة عمر بن ذرّ فلقيت مالك بن مغول، فحدثنا عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخُدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ وَحَنى الجَبْهَةَ، وأصْغَى بالأذُنُ مَتى يُوءْمَرُ» فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «قُولُوا حَسْبُنا اللّهُ وَعَلى اللّهِ تَوَكّلْنا، ولوِ اجْتَمَعَ أهْلُ مِنًى ما أقالُوا ذلكَ القَرْنَ» كذا قال، وإنما هو ماأقلوا...

وقوله: "فَجَمَعْناهُمْ جَمْعا "يقول: فجمعنا جميع الخلق حينئذ لموقف الحساب جميعا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وتَرَكْنا بَعْضُهم يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ} أي يَجُولُ بعضُهم في بعضٍ. ثم يَحتمِل قولُه: {يَمُوجُ في بَعْضٍ} عند السّدّ الذي بَناه ذو القرنين يَمُوجُون عندما فُتح ذلك السّدُّ. أو يذكر هذا لكثرتِهم وازدحامِهم، والله أعلم...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والضمير في {تَرَكْنَا} لله عز وجل... واستعارةُ «المَوْجِ» لهم عبارةٌ عن الحَيْرة وتَرَدُّدِ بعضِهم في بعضٍ كالمُوَلَّهِين مِن هَمٍّ وخوفٍ ونحوِه، فشَبَّهَهم بمَوْج البحرِ الذي يَضطرِب بعضُه في بعضٍ... ومَن تَأَوَّلَ الآيةَ إلى قوله {يَمُوجُ في بعضٍ} في أمْر يأجوجَ ومأجوجَ... ثم {نُفِخَ في الصُّورِ} فيَجْتَمِعون...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

" فجَمَعْناهم جَمْعاً "يعني الجِنَّ والإِنْسَ في عَرَصَات القيامةِ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ونُفِخَ في الصُّورِ} أي النَّفْخةَ الثانيةَ لقوله: {فجَمَعْناهم} ويجوز أن تكون هذه الفاءُ الفصيحةَ فيكون المُرادُ النَّفْخةَ الأولى، أو ونُفِخَ في الصُّور فماتَ الخلائقُ كلُّهم، فبَلِيَتْ أجسامُهم، وتفَتَّتَتْ عِظامُهم، كما كان مَن تَقَدَّمَهُمْ، ثم نُفِخَ فيه النَّفخةَ الثانيةَ فجَمعْناهم مِن التُّراب بعد تمزُّقهم فيه، وتفرُّقِهم في أقطار الأرض بالسُّيول والرياح وغير ذلك {جَمْعاً} فأقَمْناهم دَفْعةً واحدةً كلَمْحِ البَصَرِ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو مشهد يرسم حركة الجموع البشرية من كل لون وجنس وأرض. ومن كل جيل وزمان وعصر، مبعوثين منشرين. يختلطون ويضطربون في غير نظام وفي غير انتباه، تتدافع جموعهم تدافع الموج وتختلط اختلاط الموج.. ثم إذا نفخة التجمع والنظام: ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا فإذا هم في الصف في نظام!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

التَّرْكُ: حقيقتُه مُفارقةُ شيءٍ شيئاً كان بِقُرْبِه، ويُطلَق مجازاً على جَعْل الشيءِ بِحالةٍ مُخالِفةٍ لحالةٍ سابقةٍ تمثيلاً لحال إِلْفائِه على حالةٍ، ثم تغييرِها بحالِ مَن كان قُرْبَ شيءٍ ثم ذَهَبَ عنه، وإنما يكون هذا المجازُ مُقَيَّداً بحالةٍ كان عليها مفعول تَرك، فيفيد أن ذلك آخِرُ العَهْد، وذلك يَستتبِع أنه يدوم على ذلك الحال الذي تركه عليها بالقرينة...

وجملة {يَمُوجُ} حالٌ من {بَعْضَهم} أو مفعولٌ ثانٍ لـ {تَرَكْنَا} على تأويله بـ (جَعَلْنا)، أي جَعَلْنا ياجوجَ وماجوجَ يومئذٍ مُضطرِبِين بينهم فصار فسادُهم قاصراً عليهم ودُفِع عن غيرهم...

لأنهم إذا لم يَجدوا ما اعتادوه من غَزْو الأُممِ المجاوِرة لهم رَجَعَ قَوِيُّهُم على ضعيفِهم بالاعتداء...

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهم جَمْعاً} تَخَلُّصٌ من أغراض الاعتبار بما في القصة من إقامة المصالح في الدنيا على أيدي مَن اختارَه اللهُ لإقامتها من خاصّةِ أوليائه، إلى غرض التذكيرِ بالموعظة بأحوال الآخِرة، وهو تَخَلُّصٌ يُؤْذِنُ بتشبيه حال تموُّجِهم بحال تموُّجِ الناسِ في المَحْشَر، تذكيراً للسامعين بأْمر الحَشْر وتقريباً بحُصوله في خيال المشركين. فإن القادر على جمْع أُمّةٍ كاملةٍ وراء هذا السّدِّ، بفِعْل مَن يَسَّرَه لذلك مِن خَلْقِه، هو الأقْدَر على جَمْع الأُممِ في الحَشْر بقُدرته، لأنّ مُتَعَلّقات القدرة ِفي عالَم الآخِرة أَعْجَبُ. وقد تَقدَّم أنّ من أهم أغراضِ هذه السورة إثباتَ البَعْثِ. واستعمل الماضي موضعَ المضارعِ تنبيهاً على تحقيق وقوعِه...

والنَّفْخُ في الصُّور تمثيليّةٌ مكنيّةٌ تشبيهاً لحال الدّاعي المُطاعِ وحالِ المَدعُوِّ الكثيرِ العدد السريعِ الإجابة، بِحال الجُندِ الذين ينفِّذون أمرَ القائد بالنَّفِير فيَنفُخون في بُوقِ النَّفِير، وبِحال بقيّةِ الجندِ حين يَسمعون بوقَ النَّفِير فيُسرِعون إلى الخروج. على أنه يجوز أن يكون الصُّورُ من مَخلوقات الآخِرةِ. والحالةُ المُمَثَّلة حالةٌ غريبةٌ لا يَعلَم تفصيلَها إلا اللهُ تعالى...

وتأكيدُ فِعْلَي {جَمَعْناهم} و {عَرَضْنا} بمَصدَرَيْهِما لِتَحَقُّق أنه جَمْعٌ حقيقيٌّ وعرضٌ حقيقيٌّ ليسا من المجاز، وفي تنكير الجَمْعِ والعَرْضِ تهويلٌ...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{يَوْمَئِذٍ} أي في الدنيا، حيث الاختبارُ، والتدافُع بين الحق والباطل والخيرِ والشر، والصلاحِ والفساد.

{يَمُوجُ في بعضٍ}، أي أن بعضهم يتدافَع مع البعض تَدافُعَ الأمواجِ وهي مصطحبة فيتدافع الأخيارُ مع الأشرار تَدافُعَ الأمواج ِيَدفَع بعضُها بعضاً، وهي تعلو وتنخفض. حتى يُدْعَوْا جميعا إلى الله تعالى، وعَبّر عن ذلك بقوله: {ونُفِخَ في الصُّورِ فجَمَعْناهم جَمْعاً}...

{فجَمَعْناهم جَمْعاً}... ذكر المصدر لتأكيد أن البعث يَعُمُّ الجميعَ، ولا يَتخَلَّفُ عنه أحدٌ...