فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا} (99)

قوله : { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ } هذا من كلام الله سبحانه بعد انقضاء كلام ذي القرنين ، والضمير في { بعضهم } ليأجوج ومأجوج ، أي : تركنا بعض يأجوج ومأجوج يوم مجيء الوعد ، أو يوم خروج يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر منهم ، يقال : ماج الناس : إذا دخل بعضهم في بعض حيارى كموج الماء . والمعنى : أنهم يضطربون ويختلطون ، وقيل : الضمير في { بعضهم } للخلق ، واليوم : يوم القيامة أي : وجعلنا بعض الخلق من الجنّ والإنس يموج في بعض ، وقيل : المعنى : وتركنا يأجوج ومأجوج يوم كمال السدّ وتمام عمارته بعضهم يموج في بعض ، وقد تقدّم تفسير { وَنُفِخَ فِي الصور } في الأنعام ، قيل : هي النفخة الثانية بدليل قوله بعد : { فجمعناهم جَمْعاً } فإن الفاء تشعر بذلك ، ولم يذكر النفخة الأولى لأن المقصود هنا ذكر أحوال القيامة .

والمعنى : جمعنا الخلائق بعد تلاشي أبدانهم ومصيرها تراباً جمعاً تاماً على أكمل صفة وأبدع هيئة وأعجب أسلوب .

/خ108