المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

36- لأن الأصنام تسببت في إضلال كثير من الناس بعبادتهم لها . فَمِن تبعني من ذريتي ، وأخلص لك العبادة ، فإنه من أهل ديني ، ومن عصاني - بإقامته على الشرك - فأنت قادر على هدايته لأنك كثير المغفرة والرحمة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

قوله تعالى : { رب إنهن أضللن كثيراً من الناس } ، يعني : ضل بهن كثير من الناس عن طريق الهدى حتى عبدوهن ، وهذا من المقلوب نظيره قوله تعالى : { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه } [ آل عمران-175 ] ، أي : يخوفهم بأوليائه . وقيل : نسب الإضلال إلى الأصنام لأنهن سبب فيه ، كما يقول القائل : فتنتني الدنيا ، نسب الفتنة إلى الدنيا لأنها سبب الفتنة . { فمن تبعني فإنه مني } ، أي : من أهل ديني ، { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } ، قال السدي : معناه : ومن عصاني ثم تاب . وقال مقاتل بن حيان : ومن عصاني فيما دون الشرك . وقيل : قال ذلك قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

28

يدعو إبراهيم دعوته هذه لما شهده وعلمه من كثرة من ضلوا بهذه الأصنام من الناس في جيله وفي الأجيال التي قبله ؛ ومن فتنوا بها ومن افتتنوا وهم خلق كثير :

( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) . .

ثم يتابع الدعاء . . فأما من تبع طريقي فلم يفتتن بها فهو مني ، ينتسب إلى ويلتقي معي في الآصرة الكبرى ، آصرة العقيدة :

( فمن تبعني فإنه مني ) . .

وأما من عصاني منهم فأفوض أمره إليك :

( ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) . .

وفي هذا تبدو سمة إبراهيم العطوف الرحيم الأواه الحليم ؛ فهو لا يطلب الهلاك لمن يعصيه من نسله ويحيد عن طريقه ، ولا يستعجل لهم العذاب ؛ بل لا يذكر العذاب ، إنما يكلهم إلى غفران الله ورحمته . ويلقي على الجو ظلال المغفرة والرحمة ؛ وتحت هذا الظل يتوارى ظل المعصية ؛ فلا يكشف عنه إبراهيم الرحيم الحليم !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

قال عبد الله بن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سَوَادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جُبَير{[15971]} عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم : { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وقول{[15972]} عيسى عليه السلام : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ورفع يديه ، [ ثم ]{[15973]} قال : " اللهم أمتي ، اللهم أمتي ، اللهم أمتي " ، وبكى فقال الله : [ يا جبريل ]{[15974]} اذهب إلى محمد - وربك أعلم وسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ، [ قال ]{[15975]} فقال الله : اذهب إلى محمد ، فقل له : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك{[15976]} .


[15971]:- في أ : "ابن جرير".
[15972]:- في ت ، أ : "وقال".
[15973]:- زيادة من ت ، أ.
[15974]:- زيادة من ت ، أ.
[15975]:- زيادة من ت.
[15976]:- رواه الطبري في تفسيره (13/151).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

{ رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } فلذلك سألت منك العصمة واستعذت بك من إضلالهن ، وإسناد الإضلال إليهن باعتبار السببية كقوله تعالى : { وغرتهم الحياة الدنيا } . { فمن تبعني } على ديني . { فإنه منّي } أي بعضي لا ينفك عني في أمر الدين . { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } تقدر أن تغفر له وترحمه ابتداء ، أو بعد التوفيق للتوبة . وفيه دليل على أن كل ذنب فللّه أن يغفره حتى الشرك إلا أن الوعيد فرق بينه وبين غيره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

ونسب إلى الأصنام أنها أضلت كثيراً من الناس - تجوز - إذ كانت عرضة الإضلال ، والأسباب المنصوبة للغيّ ، وعليها تنشأ الأغيار ، وحقيقة الإضلال إنما هي لمخترعه ، وقيل : أراد الأصنام هنا الدنانير والدراهم .

وقوله : { ومن عصاني } ظاهره بالكفر ، بمعادلة قوله : { فمن تبعني فإنه مني } ، وإذا كان ذلك كذلك فقوله : { فإنك غفور رحيم } معناه : بتوبتك على الكفرة حتى يؤمنوا ، لا أنه أراد أن الله يغفر لكافر ، لكنه حمله على هذه العبارة ما كان يأخذ نفسه به من القول الجميل والنطق الحسن وجميل الأدب - صلى الله عليه وسلم - قال قتادة : اسمعوا قول الخليل صلى الله عليه وسلم ، والله ما كانوا طعانين ولا لعانين ، وكذلك قال نبي الله عيسى { وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }{[2]} [ المائدة : 118 ] وأسند الطبري عن عبد الله بن عمر حديثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : تلا هاتين الآيتين ثم دعا لأمته ، فبشر فيهم{[3]} وكان إبراهيم التيمي يقول : من يأمن على نفسه بعد خوف إبراهيم الخليل على نفسه من عبادة الأصنام ؟ .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.