الآية 36 : وقوله تعالى : { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } نسب الإضلال إلى الأصنام ، وإن لم يكن لها صنع في الإضلال لأنهم بها ضلوا ، وكانت الأصنام سبب إضلالهم . وقد تنسب الأشياء إلى الأسباب ، وإن لم يكن للأسباب صنع فيها نحو ما ذكرنا من قوله : { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم } ( التوبة : 125 ) والسورة لا تزيدهم رجسا ، لكن ينسب الرجس إليها لما كانت هي سبب زيادة رجسهم ، وهو أنها لما نزلت ( ازدادوا هم بها ){[9677]} تكذيبا وكفرا بها ، فنسب ذلك إليها .
فعلى ذلك الأول والثاني : تنسب الأحوال التي كانت بها ما لو كانت تلك بذوات الأرواح لكانت تضل ، وتغوي ، من يكون منه الإضلال لأنها تزين ، وتحلى بالأشياء ، نحو ما نسب الغرور إلى الدنيا [ وإن كانت الدنيا ]{[9678]} لا تغر ؛ لأنها تكون بحال ، لو كانت تلك الأحوال من ذي الروح لكان [ ذلك تغريرا ، فعلى ] {[9679]} ذلك نسبة الإضلال إلى الأصنام ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فمن تبعني فإنه مني } يشبه أن يكون { فإنه مني } أي موافقي في الدين أو في الولاية . وحاصله ، والله أعلم : معي في الدين وفي أمر الدين . وكذلك ( قوله صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من غش فليس منا ) [ كشف الأستار عن زوائد البزار : 1256 ] أي ليس بموافق لنا ، أو ليس معنا ، أو ليس في ملتنا . وكذلك قوله : { فإنه مني } أي من ملتي .
وحاصله : { فمن تبعني } وأجابني في ما دعوته إليه ، وأمرته به { فإنه مني } أي مما أنا عليه . وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من غش فليس منا ) أي ليس مما نحن عليه .
وقوله تعالى : { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } يشبه قوله : { ومن عصاني } ليس عصيان شرك ، ولكن عصيان ما دون الشرك { فإنك غفور رحيم } أو { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } أي ساتر عليه الكفر إلى وقت معلوم ؛ إذ الغفران هو الستر ، فتستر عليه إلى أجل كقوله : { إنما يؤخركم ليوم } ( إبراهيم : 42 ) .
أو يقول : { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } أي تمكن له من التوبة والإسلام ، فيسلم ، ويتوب ، فيغفر له ما كان منه من العصيان ، وتترحم عليه .
وقوله تعالى : { ومن عصاني } في ما دعوته إليه ، وأمرته به { فإنك غفور رحيم } تمكن له من التوبة والرجوع عما كان منه ، فتغفر له ، وترحمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.