فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 36 ) }

{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ } أسند الإضلال إلى الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل لأنها سبب لضلالهم فكأنها أضلتهم ، وهذه الجملة تعليل لدعائه لربه وإعادة النداء لتأكيد النداء وكثرة الابتهال والتضرع وهذا التركيب مجاز كقولهم فتنتهم الدنيا وغرتهم وإنما فتنوا بها واغتروا بسببها .

{ ثم قال : { فَمَن تَبِعَنِي } أي من تبع ديني من الناس فصار مسلما موحدا { فَإِنَّهُ مِنِّي } أي من أهل ديني جعل أهل ملته كنفسه مبالغة .

{ وَمَنْ عَصَانِي } فلم يتابعني ولم يدخل في ملتي { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قادر على أن تغفر له قيل هذا قبل أن يعلم أن الله لا يغفر أن يشرك به كما وقع منه الاستغفار لأبيه وهو مشرك قاله ابن الأنباري ، قيل المراد عصيانه هنا فيما دون الشرك قاله مقاتل ، وقيل إن هذه المغفرة مقيدة بالتوبة من الشرك ، قاله السدي ، وقيل تغفر له بأن تنقله من الكفر إلى الإيمان والإسلام وتهديه إلى الصواب والأول أولى : .