قوله : { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً } الضمير في : " إنَّهُنَّ " و " أضْلَلْنَ " عائد على الأصنام ، لأنها جمع تكسير غير عاقل .
وقوله : { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } أي : من أشياعي ، وأهل ديني .
وقوله { وَمَنْ عَصَانِي } شرط ، ومحل " مَنْ " الرفع بالابتداء ، الجواب : { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } والعائد محذوف ، أي : له .
قال السديُّ : ومن عصاني ثمَّ تاب{[19308]} . وقال مقاتلٌ : { وَمَنْ عَصَانِي } فيما دون الشرك{[19309]} .
وقيل : قال ذلك قبل أن يعلمه الله أنَّهُ لا يغفر الشرك ، وهذه الآية تدلُّ على إثبات الشَّفاعة في أهل الكبائر ؛ لأنَّه طلب المغفرة ، والرَّحمة لأولئك العصاة ، ولا تخلو هذه الشفاعة من أن تكون للكفار [ أو للعصاة ، ولا يجوز أن تكون للكفار ]{[19310]} ؛ لأنه تبرَّأ منهم بقوله : { واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام } .
وقوله : { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } فإنه يدلُّ بمفهومه على أنَّ من لم يتعبه على دينه ، فليس منه ، والأمة مجتمعة على أنَّ الشفاعة في حق الكفَّار غير جائزة ؛ فثبت أن قوله : { وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } شفاعة في العصاة غير الكفَّار .
وتلك المعصية : إمَّا أن تكون من الصغائر ، أو من الكبائر بعد التَّوبة [ أو من الكبائر قبل التوبة ، والأول والثاني بطلان ؛ لأن وقوله : { وَمَنْ عَصَانِي } اللفظ فيه مطلق ، فتخصيصه بالصغيرة عدول عن الظاهر ، وأيضاً فالصغائر والكبائر بعد التوبة ]{[19311]} وجبة الغفران عند الخصوم ، فلا يمكن حمل اللفظ عليه ، فثبت أنَّ هذه الشفاعة في إسقاط العقاب عن أهل الكبائر قبل التَّوبة .
وإذا ثبت حصول الشفاعة لإبراهيم -صلوات الله وسلامه عليه- ثبت حصولها لمحمَّد -عليه أفضل الصلاة والسلام- لأنه لا قائل بالفرق ، ولأنََّ الشفاعة أعلى المناصب ، فلو حصلت لإبراهيم عليه الصلاة والسلام- مع أنَّها لم تحصل لمحمَّد صلى الله عليه وسلم كان ذلك نقصاً في حقِّ محمدٍ -صلوات الله وسلامه عليه- .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.