الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

ونسب إِلى الأصنام أنها أضَلَّتْ كثيراً من الناس تجوُّزاً ، وحقيقةُ الإِضلال إِنما هي لمخترعها سبحانه ، وقيل : أراد ب{ الأصنام } هنا : الدنانيرُ والدَّرَاهم .

وقوله : { وَمَنْ عَصَانِي } [ إبراهيم : 36 ] .

ظاهره بالكُفْر ؛ لمعادلة قوله : { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } وإِذا كان ذلك كذلك ، فقوله : { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } : معناه : بتوبَتِكَ على الكَفَرَةِ حتى يؤمنوا لا أنَّه أراد أنَّ اللَّه يغفر لكَافِرٍ ، وحمله على هذه العبارة ما كَانَ يأخذ نَفْسَهُ به من القَوْلِ الجميلِ ، والنُّطْقِ الحسنِ ، وجميلِ الأَدَبِ صلى الله عليه وسلم ، قال قتادة : اسمعوا قوْلَ الخليلِ صلى الله عليه وسلم : ( واللَّه ما كانُوا طَعَّانين ولا لَعَّانِينِ ) وكذلك قولُ نبيِّ اللَّه عيسى عليه السلام : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } [ المائدة : 118 ] .

وأسند الطبريُّ عن عبد اللَّهِ بْن عَمْرٍو حديثاً : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، تلا هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ ، ثم دعا لأمته فبَشَّرَ فيهم ، وكان إِبراهيمُ التَّيْمِيُّ يقول : مَنْ يأمن على نفْسه بَعْدَ خوف إِبراهيمَ الخليل على نَفْسِهِ مِنْ عبادة الأصْنام .